ومن فوائد الحديث: أنه ينبغي أستعمال الأسلوب الذي يكون أبلغ في الوصول إلى المقصود، وهذا ما يسمى بالبلاغة، أي: مطابقة الكلام لمقتضى الحال، لقوله:"أيها الناس"؛ حيث وجه الخطاب بالنداء من أجل أن ينتبه الناس لما يقول.
ومن فوائد الحديث: أن الحيلولة دون تنفيذ الحدود سبب للهلاك لقوله: "إنما أهلك من كان قبلكم".
ومن فوائده: أن عقوبة الله عز وجل لا تختلف بالنسبة للأمم؛ لأنه ليس بين الله وبين الخلق نسب حتى يراعيهم، فإذا هلك من قبلنا بذنب فيوشك أن نهلك به، لكن الفرق أن هذه أمة لا تهلك بعقوبة عامة بخلاف الأمم السابقة، وقد قيل: إنه بعد نزول التوراة لم تهلك أمة بعامة؛ لأن الله تعالى قال:{ولقد آتينا موسى الكتاب من بعد ما أهلكنا القرون الأولى}[القصص: ٤٣]. وأما هلاك فرعون فإنه [كان] قبل نزول التوراة.
ومن فوائد الحديث: أن حد السرقة ثابتٌ في الأمم السابقة لقوله: "إذا سرق فيهم الشريف ... إلخ)، كما أن حد الزنا ثابت أيضًا في الأمم السابقة، وعلى هذا فإذا شنّع النصارى واليهود على المسلمين بقطع يد السارق قلنا لهم: نحن أيضًا نشنع عليكم؛ لأن هذا موجود في شريعتكم لكن أنتم تجرأتم وأبطلتم شريعة الله، لكن نحن التزامنا بشريعة الله، وكذلك إذا شنعوا علينا في القصاص قلنا: وأنتم أشد منا شناعة، فاليهود يجب عليهم القصاص:{وكتبنا عليهم فيها - أي: فرضنا عليهم - أنَّ النَّفس بالنَّفس والعين بالعين ... إلخ}[المائدة: ٤٥]. إذن نقول: حد السرقة بقطع يد السارق ثابت في الأمم السابقة.
ومن فوائد الحديث: "جوب العدل بين الناس في إقامة الحدود، وأن الجور سبب للهلاك لقوله:"إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد".
ومن فوائد الحديث: أن السرقة لا تختص بالحاجة، بل قد تكون عن هوى وشهوة لكون الشريف يسرق، فالشريف في العادة يكون غنيا إما بنفسه أو بقومه، ولكن الشيطان يغوي ابن آدم؛ ولهذا نجد أن الرجل المتزوج الذي عنده زوجة من أحسن النساء خلقًا وسمتًا وصورة نجده يستهويه الشيطان فيزني بمن ليست بشيء عند زوجته.
ومن فوائده: أنه لا يجوز أن يختلف الناس في إقامة الحدود بالمال، يعني: بالغنى أو الفقر قياسا على الشرف والضعف؛ لأن المراد بالضعيف هنا ما يقابل الشريف، فلا يقال: هذا غني لا نقطعه وهذا فقير اقطعوه، لكن لو كان بالعكس وقالوا: نقطع الغني ولا نقطع الفقير لأجل أن نبقي. له جوارحه يحصل بها الرزق فلا يجوز أيضًا لوجوب العدل ووجوب إقامة الحد.
ومن فوائد الحديث: - ونتكلم على ما حذف منه -: جواز إقسام الإنسان بدون أن يستقسم؛ لأن. النبي صلى الله عليه وسلم أقسم فقال:"وايم الله" مع أنه لم يستقسم.