للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن فوائده: أنه كلما عظم شأن المخبر عنه فإنه يستحسن أن يقسم عليه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أقسم لعظم شأن هذا الأمر، وإلَّا لو قال: لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها اكتفى بذلك.

ومن فوائده: فضيلة فاطمة رضي الله عنها، ولا شك أن فاطمة أفضل بنات الرسول صلى الله عليه وسلم، وأنها سيدة نساء أهل الجنة، لكن لا يعني ذلك أن نبالغ ونغلو فيها، فإن الغلو فيها أو في غيرها مما نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم.

ومن فوائد الحديث: أن جاحد العارية يقطع لحديث عائشة: "كانت امرأة تستعير المتاع وتجحده فأمر"، وجه الدلالة: أن الفاء في قوله: "فأمر" للسببية؛ أي: فسبب ذلك أمرًا، فيكون هذا الحكم مفرعًا على تلك العلة، وهي: أنها كانت تستعير المتاع فتجحده، وقد اختلف العلماء في هذه المسألة اختلافًا كثيرًا، والقول بأن جاحد العارية يقطع انفرد به الإمام أحمد رحمه الله، وأكثر العلماء على أنه لا يقطع، كما أن الخائن في الوديعة وغيرها لا يقطع، فكذلك الخائن في العارية، ولكن يقال: إذا ثبت النص فلا قول لأحد، فما دام الحديث ثابتا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بقطع يدها؛ لأنها كانت تستعير المتاع فتجحده فإنا نقول: هذا سبب مستقل، فسموه سرقة أو لا تسموه، إن كانت السرقة تنطبق على هذه الحال فالأمر ظاهر، وإن كانت لا تنطبق فإنها قسم مستقل برأسه جاءت به السُّنة فوجب الأخذ به، وأما من قال: إن هذا الحديث على تقدير محذوف: "كانت تستعير المتاع فتجحده فسرقته فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطع يدها"، فهذا لا وجه، له لأنه إثبات علة لم توجد ونفي علة موجودة، وهذا تحريف، لأن رفع الوصف عن الحكم وإثبات وصف آخر لا شك أنه تحريف، وهذا كقول من قال: إن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة" قال هذا لمن كان جاحدًا وهذا تحريف؛ لأننا إذا حملناه على الجحد ألغينا الوصف الذي رتب عليه الحكم وأتينا بوصف آخر جديد فيكون في هذا جناية على النص.

ومن فوائد الحديث: جواز التوكيل في إقامة الحدود لقوله: "فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطع يدها".

ومن فوائده: أن يد السارق إنما تقطع من الكف لا من المرفق، وجهه: أن اليد إذا أطلقت فالمراد بها الكف، وإذا أريد بها ما زاد عليه فيدت به، ولهذا جاءت الآية في الوضوء مقيدة: {إلى المرافق} [المائدة: ٦]. فوجب أن تغسل في الوضوء إلى المرفق، وجاءت في التيمم مطلقة "فلم يجب إلَّا مسح الكفين فقط.

<<  <  ج: ص:  >  >>