للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إليها ليستشيرهم أو لا يستشير إلَّا فيما تدعو الحاجة إلى الاستشارة فيه؟ الثاني هو المقصود أنك لا تستشير إلَّا في أمور تدعو الحاجة إلى الاستشارة فيها، وهل يستشير الإنسان في أموره الخاصة أو لا يستشير إلَّا في الأمور العامة؟ الأول، لأن النبي صلى الله عليه وسلم استشار في شأن عائشة رضي الله عنها في قصة الإفك، فالإنسان يستشير في أموره الخاصة ويستشير في الأمور العامة، ولكن يشترط في المستشار أن يكون أمينا وأن يكون ذا رأي، وهل يشترط أن يكون قريبًا؟ لا؛ لا بد أن يكون أمينًا لا تستشر إلَّا إنسانًا أمينًا يحب لك ما يحب لنفسه، الثاني: أن يكون ذا رأي، لأن من ليس له رأي لا تستفيد منه كثير من الناس إذا استشرته في شيء يقول: كله زين، ويقول العامة: إذا أردت أن تحيره فخيره، فلا بد أن يكون ذا رأي، هل يشترط أن يكون ذا دين، أو نقول: إن قولنا أمين يكفي؟ الثاني، إذا كان أمينا فالأمانة لا تكون إلَّا [ممن عنده] دين، وإذا استشرت فهل تستسلم لما يقول أو تناقشه؟ الثاني، تناقشه حتى يستبين الأمر؛ لأنه قد يشير عليك بما يرى انه مصلحة لكنه لا يدري ما وراء ذلك مما هو عندك أنت فلا حرج أن تناقشه، قد يغضب بعض الناس يقول: كيف تستشيرني ثم تجادلني ماذا تقول له؟ تقول: أنا ما جادلتك اعتراضًا لكن جادلتك لأجل أن يتبين الأمر حتى أعرف؛ لأن الإنسان قد يبدو له شيء وتغيب عنه موانعه، فإذا وجد من يعارضه تبين تمامًا.

ومن فوائد الحديث: تواضع عمر رضي الله عنه، وبه نضع شجن في حلوق الذين يقولون: إن عمر رجل مستبد.

بقي علينا بحث: هل الخمر نجس أو لا؟ أكثر العلماء على أن الخمر نجس نجاسة حسية وأنه كالبول والغائط في تنجيس الثياب والأراضي وغيرها، واستدلوا لذلك بقوله تعالى: {يا أيُّها الَّذين ءامنوا إنَّما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجسُ من عمل الشَّيطان فاجتنبوه لعلَّكم تفلحون} واستدلوا بأنه حرام، ولا يحرم الله إلَّا الخبيث، والخبيث نجس، وذهب بعض أهل العلم إلى أن الخمر ليست بنجسة نجاسة حسية، واستدلوا لذلك بدليل إيجابي، ودليل سلبي، أما الدليل الإيجابي فقالوا: إن الخمر حين حرمت أراقها الناس في الأسواق ولم يؤمروا بغسل الأواني، وهذا يدل على أنها طاهرة إذ لو كانت نجسة لأمروا بغسل الأواني كما أمر الناس حين حرمت الحمر أن يغسلوا الأواني بعدها.

ثانيًا: أن الصحابة أراقوا الخمر حين حرمت بأسواق المدينة، ولو كانت نجسة ما أراقوها في الأسواق؛ لأنه لا يحل للإنسان أن يضع في أسواق المسلمين ما يكون نجسًا؛ ولهذا حرم البول والغائط في الطرقات.

ثالثًا: أن رجلًا أهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم راوية من خمر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إنها حرمت،

<<  <  ج: ص:  >  >>