السبت وقد حرم عليهم صيدها, فماذا صنعوا؟ احتالوا كما هو معروف, لكن هذه الأمة -ولله الحمد- لم يخطر ببالهم هذه الحيلة.
ومن فوائد الحديث: جواز الصيد بالكلاب لقوله: "إذا أرسلت كلبك", وكما سمعنا في المناقشة أنه يشمل ما إذا أرسل كلب غيره, وتقيد الكلب بإضافته إلى المرسل من باب الغالب فلا يكون مخرجاً لما سواه, فهل يلحق بالكلب ما سواه مما يصاد به؟ الجواب: نعم لكن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر الكلب؛ لأن غالب ما يصاد به في عهده هو الكلاب فإذا وجد غير الكلاب كالفهود وغيرها مما لا نعلمه ويعلمه متعهدو الصيد فإنه يحل, وهذا الحديث بالنسبة للآية أخص من الآية, والآية أعم, وهذا شيء قليل الوجود, الغالب أن النصوص النبوية تكون أعم, لكن في هذه الحال صار النص القرآني أعم من السنة لقوله تعالى: {وما علمتم من الجوارح مكلبين} [المائدة: ٤]. فالجوارح عام يشمل الكلاب وغيرها, لكن قلت لكم: إن تقييد السنة ذلك بالكلاب بمعنى أن ذلك هو الغالب.
ومن فوائد الحديث: وجوب ذكر اسم الله تعالى على الكلب إذا أرسل لقوله: "فاذكر اسم الله عليه" وهل المراد: ذكر هذا اللفظ بعينه أو ذكر كل اسم يختص به الله؟ يعني: هل يجب أن تقول: باسم الله, أو يجوز أن تقول: باسم الرحمن, باسم الواحد القهار؟ الظاهر: الثاني أن المراد بذلك الثاني, وأنه إذا ذكر الإنسان أي اسم يختص بالله جائز, لكن من باب الاحتياط نقول: الأولى أن تقول: باسم الله.
ومن فوائد الحديث: تيسير الشريعة؛ حيث كانت التسمية عند إصابة الصيد بل عند إرسال الجارحة السهم أو الكلب.
ومن فوائد الحديث: وجوب تذكية الصيد إذا أدركه حيًا؛ لقوله: "فأدركته حيًا فاذبحه". فإذا قال قائل: لماذا؟ قلنا: لأن الإنسان الآن قادر على ذبحه فهو كالذي قدر عليه من قبل, فإن قيل: ما الفرق بين الذبح والصيد؟ قلنا: الصيد يحل بجرح في أي موضع من بدنه, والذبح لا يكون إلا في الحلق واللبة.
ومن فوائد الحديث: أنه يشترط فيما صاده الكلب ألا يأكل منه لقوله: صلى الله عليه وسلم: "فإن أدركته قد قتل ولم يأكل منه فكله", فإن مفهومه أنه إن أكل فلا تأكل.
ومن فوائد الحديث: أنه لا يشترط إنهار الدم فيما صاده الكلب؛ لقوله: "قد قتل", ولم يشترط أن ينهر الدم, وهذه المسألة فيها خلاف بين العلماء؛ فمنهم من أخذ بذلك وقال: إنه إذا جاء بالكلب وقد قتله ولو خنقًا فإنه يحل لقوله: "قد قتل", ولم يشترط إنهار الدم, ولم يقل: قد