للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الغنائم فينزل الله عليها نارا فتأكلها، وإذا حدث أن أحدا غل من الغنيمة - يعني: أخذ منها - لم تنزل النار فيبحث من الغال حتى إذا أدرك وألقى الغلول في الغنيمة نزلت النار فأكلتها، وهذه من آيات الله عز وجل.

الرابعة: "وأعطيت الشفاعة" والشفاعة هنا المراد بها: الشفاعة العظمى التي لا ينالها إلا محمد صلى الله عليه وسلم، وهي التي تكون حين يصيب الناس من الغم والكرب ما لا يطيقون في الموقف؛ لأن الموقف مقداره خمسون ألف سنة بأهواله العظيمة التي تجعل الولدان شيبا، فيلحق الناس هم وكرب لا يطيقونه، فيلهمهم الله عز وجل أن يذهبوا إلى آدم أبو البشر خلقه الله بيده، وأسجد له ملائكته، وعلمه أسماء كل شيء، وجعل في ذريته النبوة والكتاب، ولكنه يتعذر، فيلهمهم الله أن يذهبوا إلى نوح أول رسول أرسله الله إلى أهل الأرض، وأثنى الله عليه بقوله: {إنه كان عبدا شكورا} [الإسراء: ٣]. ولكنه يعتذر، ثم يأتون إلى إبراهيم بالترتيب الزمني فيعتذر، فيأتون إلى موسى فيعتذر، فيأتون إلى عيسى كل ذلك بإلهام الله عز وجل فلا يعتذر لكنه يتخلى عنها لوجود من هو أحق بها وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذه من حكمة الله عز وجل، أن الله ألهمهم أن يذهبوا إلى هؤلاء السادة فيعتذرون بما يعتذرون به.

والخامس منهم لا يعتذر بشيء، ولكنه يحيل المسألة إلى من هو أولى بها وهو النبي صلى الله عليه وسلم، فيأتون إليه فيشفع لهم عند الله. ويأتي الله تعالى للفصل بين عباده، هذه الشفاعة كما سمعتم لم ينلها أحد من الناس، أشرف البشر ما نالوها، ادخرها الله عز وجل لمحمد صلى الله عليه وسلم، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، لا أحد يحجر على الله؛ لأن له الحكم يفعل ما يشاء، إذن أعطيت الشفاعة"، ما هي؟ الشفاعة العظمى التي يعتذر عنها سادات البشر، وينالها محمد صلى الله عليه وسلم.

الخامسة: "وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة، ويعثت إلى الناس عامة". "كان النبي" المراد بالنبي هنا: الجنس، يعني: النبي من الأنبياء يبعث إلى قومه، وذلك حين تتعدد الأقوام، وإنما قيدت بذلك لئلا يرد علينا رسالة نوح؛ لأن نوحا رسالته إلى أهل الأرض، لكن في ذلك الوقت ما كان هناك أمم متفرقون وأقوام لكل قوم نبي، بل الناس واحد فبعث إليهم نوح وقصته معروفة، "وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس عامة"، وقلنا: إن نوحا عليه السلام بعث على الناس عامة لأنهم قومه، لم تتفرق الأمم ولم تكثر الخلائق فكان قومه هم أهل الأرض؛ ولهذا قال - عليه الصلاة والسلام-: {رب لا تذر على الأرض من الكفرين ديارا} [نوح: ٢٦]. وأغرق الله أهل الأرض كلهم إلا ثلاثة من بني نوح.

<<  <  ج: ص:  >  >>