القبور، أو خلف القبور، أو عن يمين القبور، أو عن شمال القبور، وعلى هذا فإذا كانت مقبرة كبيرة فيها مساحات كبيرة لم يدفن فيها؛ فالصلاة في هذه المساحات لا تصح؛ لأنها داخلة في اسم المقبرة، ومن هنا نأخذ حرص الشارع على حماية التوحيد، وتجنب كل طريق موصل إلى الشرك؛ لأن فتنة القبور ليست هبة بل من أعظم الفتن التي افتتن بها بنو آدم فتنة القبور.
الثالث:"الحش والحمام"، الحمام فيه الحديث الذي سمعتم:"الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام"، والحش من باب أولى، والفرق بينهما: أن الحمام هو المغتسل، والحش هو المحتلى - يعني: الذي يقضي فيه الإنسان حاجته ببول أو غائط-، وكان هذا معروفا عند السابقين، وأدركناه نحن، كان الناس بالأول في بيوتهم كنف تقضى فيها الحاجة فقط، البول أو الغائط، ثم يقوم الإنسان من هذا المكان إلى مكان آخر ليستنجي أو يستجمر، فالمكان الأول هذا يسمى حشا لا تصح الصلاة فيه لهذا الحديث الذي هو الحمام، فإن الحش أخبث من الحمام.
الرابع: أن تكون الصلاة إلى قبر بحيث يكون القبر بين يدي الإنسان، فإن الصلاة في هذا المكان لا تصح؛ لا لأنه نجس أو خبيث أو ما أشبه ذلك، ولكن لأن كون القبر أمامك وسيلة إلى الشرك، فإنه قد يتدرج الناس - ولاسيما الجهال- إلى الصلاة للقبور؛ ولهذا ثبت عن النبي - عليه الصلاة والسلام- أنه قال:"لا تصلوا إلى القبور".
الخامس: أعطان الإبل وهي مناخها التي تقيم فيها وتأوي إليها، وعلى القول الصحيح: ما تعطن فيه بعد شرب الماء؛ لأن الإبل إذا شربت الماء تنحت قليلا عن مكان الماء ثم وقفت تبول وتروح، فالإبل معاطنها لا تصح الصلاة فيها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الصلاة في معاطن الإبل فأيى، قال:"لا"، قالوا: نصلي في مرابض الغنم، قال:"نعم". هل لأن أروائها نجسة وأبواها نجسة؟ لا، ولكن لأن أعطانها مأوى الشياطين؛ لأن الإبل خلقت من الشياطين كما خلق الإنسان من عجل - يعني: أن طبيعتها طبيعة الشياطين - وليس المعنى: أنها من ذرية الشيطان؛ لأن هذا عالم آخر، لكن هذا كقوله:{خلق الإنسن من عجل}[الأنبياء: ٣٧]. يعني: أن طبيعتها طبيعة الشياطين، فتكون معاطنها مأوى الشياطين فلا تصح الصلاة فيها؛ وقال بعض