العلماء: إنها لا تصح الصلاة فيها؛ لأنه يخشى على الإنسان الذي يصلي فيها أن تدعسه الإبل وتهلكه، لكننا لو جعلنا هذه هي العلة لزم أن تصح الصلاة فيها إذا لم تكن موجودة فيها، وظاهر الحديث العموم، وهذا هو الصحيح أنه عام فلا تصح الصلاة في معاطن الإبل، أما ما بركت فيه الإبل لكون صاحبها نزل في أرض يستريح يتغذى أو يتعشى أو ينام ثم بالت وراثت ثم انصرفت، فهذا لا يعد من معاطنها فتصح الصلاة فيه.
السادس: المغصوب عند كثير من العلماء: الأرض المغصوبة أو أي شيء غصبته من صاحبه وصليت؛ فإن الصلاة لا تصح فيه على قول كثير من أهل العلم، وجه ذلك أن لبسه في هذا المكان معصية ومنهي عنه ولا يمكن أن يكون محلا لطاعة لما في ذلك من التضاد، كيف تقيم مقاما نقول لك: إنك عاص، ونقول في نفس الوقت: إنك مطيع؟ ! هذه منافاة تامة وتناقض، فلا تصح الصلاة في أرض مغصوبة، وعلى هذا فمن بقي في بيته مستأجرا دون رضا صاحب البين؛ فإن صلاته لا تصح ولا صلاة أهله، اللهم إذا كان أهله لا يستطيعون أن يصلوا في مكان آخر، فهنا قد نقول: إنهم مثل الذين حبسوا في مكان غصب تصح صلاتهم لكن إثمها على رب الأسرة.
فإذا قال: إنه باق بالأجرة بدون رضا المؤجر بناء على القانون؛ لأن بعض الدول إذا استأجر الإنسان البيت صار كالمالك لا يمكن لأن يخرج منه إلا إذا طارت نفسه منه. فنقول: إن القانون لا يحلل الحرام، وأنت إذا احتججت بالقانون فإذا أخذت الحجة بقوة السلطان فأنت ظالم لا شك، وإن احتججت بالقانون لأنك جعلته الحكم بين الناس دون حكم الله فإنك على خطر عظيم أن تكون مشركا، الذي يقيم بحجة القانون بغير رضا صاحبه لا يخلو من حالين: إما أن يحتج بالقانون باعتبار السلطة، وأنك لا تستطيع أن تخرجني؛ لأنك مهما رفعت الأمر سيكون بقائي لازم، فهذا نقول: إنه عارض ظالم، ولا إشكال فيه، وإما أن يحتج بالقانون مقدما له على حكم الله ورسوله، فهذا على خطر، ويصح أن نقول: إنه مشرك؛ لأن الله تعالى قال:{اتخذوا أحبارهم ورهبنهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم}[التوبة: ٣١]. فقال عدى بن حاتم لرسول اله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، إنا لسنا نعبدهم، قال:"أليس يحلون ما حرم الله فتحلونه، ويحرمون ما أحل الله فتحرمونه؟ " قال: نعم، قال:"فتلك عبادتهم". فالمسألة خطيرة؛ ولهذا أوصي إخواني الذين من غير هذه البلاد أن يبثوا هذا الوعي في العامة أنه لا يجوز لأحد أن يسكن دار تخص غيره بغير رضاه حتى بحكم القانون.