١٣١٩ - وللبخاريِّ: من حديث عائشة: "ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه".
فائدة هذه الرواية التصريح بأن من نذر نذر معصية فإنه لا يجوز الوفاء بذلك؛ لأن الحديث الأول حديث ابن عباس، قد يقول قائل: إنه يخير بين أن يكفر كفارة يمين وأن يفعل المعصية لكن هذه الرواية - البخاري عن عائشة- بينت أنه لا يجوز الوفاء بنذر المعصية.
ويستفاد مما سبق: أن الواجب تقديم ما يرضاه الله عز وجل على ما تهواه النفس.
- ولمسلم: من حديث عمران: "لا وفاء لنذرٍ في معصيٍة".
والنفي هنا بمعنى: النهي، يعني: لا توفوا بنذر في معصية الله، فيكون أيضًا شاهدًا لحديث:"من نذر أن يعصي الله فلا يعصه".
من نذر أن يمشي إلى بيت الله الحرام:
١٣٢٠ - وعم عقبة بن عامرٍ رضي الله عنه قال:"نذرت أختي أن تمشي إلى بيت الله حافيةً، فأمرتني أن أستفتي لها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستفتيته؛ فقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: لتمش ولتركب". متَّفق عليه، واللَّفظ لمسلم.
قوله:"نذرت أختي" لم يبين في الحديث من هي، ولكن هذا ليس بلازم أن نعرف صاحب القضية، المهم أن نعرف القضية، وحكمها هذه امرأة نذرت أن "تمشي إلى بيت الله حافية" أي: ليس عليها نعال، حاسرة الرأس ليس عليها خمار، والذي حملها على ذلك -والله أعلم- قصد التقرب إلى الله تعالى بما يحصل لها من المشقة، فظنت أنه كلما كان الشيء أشق، فهو أحب إلى الله ففعلت تمشي ولا تركب حافية: لا تنتعل حاسرة الرأس، لا تخمر، فهذا النذر اشتمل على أربعة أشياء: أولاً: قصد البيت سواء كان لعمرة أو لحج وهذا طاعة يجب الوفاء بها، ثانيًا: المشي من بلدها إلى مكة وهذا ليس من نذر الطاعة، بل هو لنذر المعصية أقرب لما في ذلك من الإشقاق على النفس والإتعاب والإجهاد، ثالثًا: حاسرة الرأس، وهذا أيضًا إلى المعصية أقرب منه إلي الطاعة لأن حسر الرأس عرضة لإصابة الرأي بحر الشمس أو صقيع البرد، ففيه تغليب، والرابع: حافية القدمين، وهذا أيضًا لا شك أنه مشق من بلدها إلى مكة حافية مع أنها سوف تمر بأحجار وأشجار وشوك، وغير ذلك مما يؤذي الرجل، فرسول الله صلى الله عليه وسلم أقرَّ المعروف وأنكر المنكر، وذلك لأنه أقر الذهاب إلى البيت الله الحرام، لكن الأوصاف الأخرى لم يقرها فقال:"لتمش ولتركب" اللام هنا لام الأمر، ولكن هل هو للوجوب أو