وأما من قال: لا يستفيد بإدخال العمرة على الحج لأنه لن يزيد على أفعاله. فنقول: وكذلك إدخال الحج على العمرة لا يزيد على أفعاله, ثم نقول: القول بأنه لم يستفد ممنوع؛ لأنه استفاد نسكين فهو مستفيد.
عرفنا أن عائشة رضي الله عنها أدخلت الحج على العمرة قبل أن تطوف لا شك فهل يجوز إدخال الحج على العمرة بعد الطواف؟ يرى بعض العلماء أنه لا بأس به, حتى بعد السعي ما دامت العمرة لم تتم فله إدخال الحج على العمرة ويصير قارنًا, أما مذهبنا فإنه لا يصح أن يدخل الحج على العمرة بعد الشروع في الطواف, وهذا فيه شيء من الإشكال فيما لو أن المحرم طاف وسعى ولم يقصر إما ناسيًا أو جاهلًا, ثم أدخل الحج على العمرة؛ فعلى المذهب - مذهبنا - يكون حجه فاسدًا لا يصح؛ لأنه أدخل على العمرة بعد الطواف وهذا لا يصح, والإفتاء بهذا فيه صعوبة أن يأتي الإنسان من مسافة بعيدة وينفق كل ما جمعه من مال, ثم يقال له: رجعت بلا حج, وليس هناك دليل واضح في هذه المسألة إلا أن يقال: إذا لم يبق إلا الحلق أو التقصير فقد تم النسك فكيف يصح إدخال الحج عليه؟ في مثل هذا نحن نفتي بأن يفدي الإنسان عن ترك الحلق ونجعله كأنه تركه ولما تحلل من العمرة ثم شرع في النسك, فشروعه في نسك الحج صحيح, وعليه فدية بناء على القول بأن تارك الواجب تلزمه فدية, وأما أن نقول: لا يصح, ففيه نظر؛ المذهب يصح إدخال الحج على العمرة فيما إذا ساق الهدي وإلا فلا, لكن الصواب أنه لا فرق بين من ساق الهدي ومن لم يسق الهدي.
ومن فوائد هذا الحديث: أن جميع المناسك لا تشترط لها الطهارة السعي, الوقوف, المبيت, الرمي, لكن الأفضل أن يفعلها على طهارة.
فإن قال قائل: كيف تقولون السعي, وقد قال النبي - عليه الصلاة والسلام -: «ولا بين الصفا والمروة»؟
قلنا: إن العلة في عدم صحة السعي هي أنه لم يسبقه طواف؛ ولذلك أنبه هنا على مسألة يفعلها بعض أهل مكة, وهي أنهم يحرمون بالحج من بيوتهم ثم يذهبون إلى البيت ويطوفون, ثم يسعون سعي الحج, وهذا لا يصح, يعني: السعي: هنا لا يصح؛ لأنه وقع بعد طواف وليس بنسك فإن السعي إنما يكون بعد طواف النسك, إما طواف الإفاضة, وإما طواف القدوم, وهؤلاء ما قدموا, هؤلاء هم أهل مكة, وهؤلاء يقال لهم: أعيدوا السعي؛ لأن سعيكم الأول لم يصح.
فإن قال قائل: في أن الحائض لا تطوف بالبيت؟