فالجواب: أن العلماء اختلفوا في ذلك, فمنهم من قال: إنه لا يصح طواف الحائض؛ لأن من شرط الطواف الطهارة, وهذه لم تكن طاهرة, فلا يصح طوافها, وعلى هذا القول لا يصح طوافها بأي حال من الأحوال حتى عند الضرورة لا يصح أن تطوف؛ لأن من شرط الطواف الطهارة, وهذه يمكنها أن تأتي بالشرط إذا طهرت.
وبناء على هذا القول لو حاضت امرأة قبل طواف الإفاضة وكان رفقتها لا يمكن أن ينتظروها ولا محرمها, وإذا عادت إلى بلدها لا يمكنها أن ترجع إما لمنع الحكومات, وإما لمشقة الرجوع لئلا تجد محرمًا, وإما لمشقة الرجوع بألا تجد مالًا حكم هذه بين أمرين: إما أن تبقى على إحرامها دائمًا وهو المذهب؛ بمعنى: أنها تبقى على ما بقي من إحرامها, وهو التحلل الثاني تبقى إن كانت ذات زوج فهي حرام على زوجها, وإن لم تكن ذات زوج فحرام عليها أن تتزوج, بناء على أن عقد النكاح بعد التحلل الأول حرام, وإن كان في هذا خلاف وفيه نظر, لكن الكلام على المعروف ولا يمكنها أن تتحلل بالحصر؛ لأن الحصر عندهم خاص بحصر العدو, وتبقى المسألة مشكلة - حرج لا نظير له - أو يقال على قول آخر على القول بأن الحصر يكون حصر عدو, وحصر مرض, وحصر ضياع نفقة, أو حصر كسر, المهم الحصر يكون لكل عذر يمتنع معه إتمام النسك, على هذا القول يقولون: تكون محصرة, وكيف تعمل؟ تذبح هديًا في مكان الإحصار بمكة وتتحلل, لكنها لم تؤد الحج, لماذا؟ لأنه فاتها منه ركن فيكون الحج غير تام, فتبقى المسكينة خصوصًا إذا كان حجها فريضة فتبقى لم تؤد الفريضة, لكن شيخ الإسلام رحمه الله قال: ليست العلة اشتراط الطهارة؛ لأن اشتراط الطهارة في الطواف ضعيف؛ إذ إن هذا مستنده ما روي عن ابن عباس رضي الله عنها: «الطواف بالبيت صلاة إلا أن الله أباح فيه الكلام».
وهذا الحديث لا يمكن أن يصح مرفوعًا عن النبي صلى الله عليه وسلم لأنه لا يصح - معناه غير صحيح - إذا قلنا: الطواف بالبيت صلاة إلا الكلام؛ فيقال: هذا غير صحيح, هناك أشياء كثيرة مستثناة مثل التكبير في أوله قراءة الفاتحة, عدم الاتجاه للقبلة, الحركة الكثيرة, وأشياء كثيرة مستثناة, فالحديث لا يصح عن الرسول - عليه الصلاة والسالم -, ثم إن قوله: «الطواف بالبيت صلاة إلا أن الله أباح فيه الكلام» يمكن أن يحمل على أنه بمثابة الصلاة في الأجر وأخص منها؛ لأنه خاص بالكعبة.