للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعلى كل حال: القول بأن الطهارة في الطواف شرط لا يصح؛ لأن هذا يحتاج إلى دليل واضح تبطل به عبادات خلق الله, لكن لا شك أن الطهارة في الطواف أفضل وأولى:

أولًا: لأنه سيأتي بعد الطواف مباشرة صلاة ركعتين, وهذه يشترط لها الطهارة بالاتفاق.

وثانيًا: احتياطًا لأن أكثر العلماء على وجوب الطهارة, فيقول شيخ الإسلام: لا دليل على اشتراط الطهارة في الطواف, وذكر له أدلة كثيرة في كتاب المناسك من أحب أن يراجعها فليفعل, لكنه قال: إن العلة هو مكثها في المسجد؛ لأن مكثها في المسجد حرام, وإذا كانت العلة هي مكثها في المسجد واضطرت المرأة للمكث في المسجد صار مكثها حلالًا, كما لو خافت على نفسها لو بقيت خارج المسجد ودخلت احتماءً بالمسجد هذا جائز ولا إشكال فيه, لكن يلزمها أن تستنثر بثوب؛ يعني: تحتشي به وتتحفظ لئلا يسيل دمها مع الحركة فيلوث المسجد, ودم الحيض نجس قليله وكثيره, وما ذهب إليه شيخ الإسلام رحمه الله هو الأولى.

وبناء على رأيه رحمه الله نقول: المرأة التي حاضت قبل طواف الإفاضة ولا يمكنها أن ترجع, نقول: استفثري بثوب وطوفي, فإن أتاها الحيض بعد الطواف وقبل السعي هل فيه إشكال؟ لا, حتى مع البنايات الأخيرة الآن واتصال المسعى بالمسجد فإنه لا حرج عليها؛ لأن المسعى الآن ليس من المسجد, يعني: لم يدخل في المسجد أولًا من حيث شكل البناء, الطابق الأعلى تميزه بين؛ لأنه محجوز بشباك ولا تدخل إلا من درج معينة أسفل أيضًا محجوز, ففيه العتبة الكبيرة التي بين المسجد وبين المسعى, ثم على فرض أنه أدخل هل يسوغ أن يدخل في المسجد ويجعله له أحكامه وهومشعر مستقل لقوله تعالى: {إن الصفا والمروة من شعائر الله} [البقرة: ١٥٨]؟ وإذا أدخلناه المسجد لزم من ذلك أن تمنع الحائض منه, أن تمنع الحائض من السعي, وأن يصح الاعتكاف فيه, وأن يترتب عليه جميع أحكام المسجد فكيف نضمه إلى مسجد؟

وعلى كل حال: المجمع الفقهي حسب ما سمعنا عنهم إنهم أجمعوا إلا اثنين على أنه ليس من المسجد, وعلى هذا يجوز للحائض إذا حاضت بعد الطواف أن تسعى؛ ويحرم على المعتكف أن يخرج إلى المسعى, اللهم إلا إذا كان على وجه المرور لقضاء الحاجة أو ما أشبه ذلك؛ لأنه كالشارع تمامًا بالنسبة للمسجد.

ومن فوائد هذا الحديث: فيما أشرنا إليه من قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «إن هذا شيء كتبه الله على بنات آدم».

ومن فوائده: أنه ينبغي للإنسان أن يسلي المصاب بذكر ما كان مثل مصيبته أو أشد؛ لأن هذا لا شك أن يسلي, فلو أصيب شخص في حادث وحزن له أخوه وكان قد أصيب مثله في

<<  <  ج: ص:  >  >>