أن يطلق زوجته وهي نفساء بخلاف الحيض, فالحيض لا يجوز أن يطلق زوجته وهي حائض, وإذا طلق ففي ذلك خلاف هل يقع أو لا يقع؟ أكثر العلماء - ومنهم الأئمة الأربعة - على أنه يقع ويحسب على الزوج, واختار شيخ الإسلام رحمه الله أنه لا يقع؛ لأنه خلاف ما أمر الله به ورسوله, وكل أمر ليس عليه أمر الله ورسوله فهو رد - أي: مردود -, وقول الشيخ رحمه الله أصح, فإذا طلق الإنسان امرأته وهي حائض قلنا له: الطلاق غير واقع, لكن إذا طلقها وهي حائض متعمدًا وقوع الطلاق, ثم جاء بعد مدة وبعد أن ضاقت عليه الحيل يريد أن يبطل هذا الطلاق, قلنا له: لا.
مثاله: رجل طلق زوجته وهي حائض, ثم راجعها لا على أن الطلاق لم يقع, بل على أن الطلاق واقع, ثم بعد مدة طلقها وراجعها, طلقها طلاقًا شرعيًا وراجعها, ثم طلقها الثالثة, وأراد أن يراجع فماذا نقول له؟ نقول: لا رجوع؛ لأنك طلقت ثلاثًا.
فإذا قال: الطلقة الأولى كانت غير شرعية لأنها في الحيض.
قلنا: الآن صارت عندك غير شرعية, وأنت حين طلقتها تعتبر أنها شرعية, ولذلك راجعتها مراجعة المطلق, ثم إننا نعلم علم اليقين أنه لو انقضت عدتها ثم تزوجت لم تمنعها ولم تقل للرجل الذي تقدم إليها: إنها امرأتي, لكن حينما ضاقت بك الحيل ذهبت تقول: الطلاق الأول غير واقع, ولا نطيعك في هذا, إذن الصحيح: أن النفاس يجوز فيه الطلاق, وليس ببدعي.
فإن قال قائل: أليس النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مره فليراجعها, ثم ليطلقها طاهرًا أو حاملًا»؟
قلنا: هذا ليس فيه دليل على تحريم الطلاق في النفاس, بل هو إن لم يكن عليهم فليس لهم؛ لأن قوله: «أو حاملًا» يدل على أن المراد بقوله: «طاهرًا» من الحيض كما هي القصة الواقعة أيضًا وليس في جميع الأحوال, «فليطلقها طاهرًا» أي: من الحيضة التي طلقها فيها, «أو حاملًا» وهذا يدل على أن المراد: الطهر من الحيض, وهذا من الفروق بين الحيض والنفاس.
رابعًا: من الفروق أيضًا أن الحيض لأقله حد وهو يوم وليلة على المذهب, والنفاس ليس لأقله حد لو لم يكن نفاسها يومًا واحدًا وتطهر وجب عليها أن تصلي.
خامسًا: ومن الفروق أيضًا أنهم قالوا في الحيض: إذا انقطع الحيض في مدة الحيض, ثم عاد في المدة فالعائد حيض؛ يعني: مثل أن تكون عادتها ستة أيام فتحيض يومين, ثم تطهر يومين, ثم يعود الدم في اليومين الأخيرين, فالدم العائد حيض, لكن في النفاس لا, إذا طهرت في الأربعين طهرت في العشرين لمدة خمسة أيام ثم عاد الدم فهذا مشكوك فيه في مدة الأربعين وكيف يكون مشكوكًا فيه, نأمرها بالصلاة ونأمرها بالصوم, ثم إذا طهرت أمرناها