من فوائد هذا الحديث: أن من أدرك ركعة من العصر لم تلزمه الظهر, يعني: لو أن المرأة طهرت من الحيض قبل غروب الشمس بركعة, أو ركعتين, أو ثلاث لزمتها صلاة العصر, ولا تلزمها - على القول الراجح - صلاة الظهر؛ لأن صلاة الظهر أتت عليها وهي ليست من أهل الصلاة, ولو كان يجب عليها أن تقضيها لكان هذا بين في كتاب الله, أو سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم, أما إذا كان هذا من أقوال العلماء, فأقوال العلماء تكون خطأ وتكون صوابًا؛ ولهذا كان القول الراجح: أن المرأة إذا طهرت قبل أن تغرب الشمس لم يلزمها إلا صلاة العصر وإذا طهرت قبل خروج وقت العشاء الآخرة لم يلزمها إلا صلاة العشاء الآخرة.
* استدراك:
كنا قد نبهنا على الكلام في الأماكن التي ليس فيها أوقات صلاة, وفات الأوان ولكن يمكننا لآن أن نتكلم عليها, توجد أماكن ليس فيها نهار ولا ليل, بمعنى: يمضي (٢٤) ساعة كلها نهار, أو (٢٤) ساعة كلها ليل, أو أكثر من ذلك, فما موقفنا نحو هذا؟
موقفنا بينه الرسول - عليه الصلاة والسلام - حين تحدث عن الدجال, وأن يومًا من أيامه كسنة يعني: (١٢) شهرًا فألهم الله الصحابة أن يقولوا: يا رسول الله, هذا اليوم الذي كسنة تكفينا فيه صلاة واحدة؟ قال: «لا, اقدروا له قدره». وعلى هذا فنقول لمن كانوا في مكان ليس فيه ليل ونهار في خلال (٢٤) ساعة اقدروا له قدره, ولكن هذا القدر هل يعتبر أقرب البلاد إليهم مما فيه ليل ونهار, أو يعتبر الوسط؛ يعني: تساوي الليل والنهار, أو تعتبر مكة لأنها أم القرى؟ هذه فيها ثلاثة أقوال:
منهم من يقول: يعتبر أقرب البلاد إليهم فيما فيه ليل ونهار, وهذا من حيث الفلك أقرب الأقوال.
ومنهم من يقول: يعتبر الوسط؛ يعني: يجعلون (١٢) ساعة ليلًا, و (١٢) ساعة نهارًا ويمشون على هذا.
ودليل هذا: أنهم يقولون: لما سقط اعتبار البلد بنفسه وجب الرجوع إلى الوسط.
والقول الثالث: يقول المعتبر توقيت مكة؛ لأنها أم القرى, كما جاء في القرآن الكريم {وكذلك أوحينا إليك قرآنًا عربيًا لتنذر أم القرى ومن حولها} [الشورى: ٧]. وعلى هذا فيجب على أولئك أن يكون لهم اتصال بمكة, ويعطون جدول مواقيت على حسب توقيت مكة, فهذه أقوال ثلاثة أقر بها من حيث العلم الفلكي.