إذًا قسمة ضيزى (٢٢) إن هي - أي: هذه المعبودات - إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم} [النجم: ٢٣]. فما هي إلا أسماء فقط مجردة تمامًا عن المعنى, أي: معنى الألوهية.
«أشهد أن لا إله إلا الله» , واعلم أنك متى أقررت بأنه لا معبود إلا الله؛ فإن إقرارك هذا مستلزم لتوحيد الربوبية؛ إذ إفراد الله بالعبادة متضمن لإفراده بالربوبية؛ لأنك لن تعبد إلا ما هو رب.
«وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله» لم يذكر تمام اسمه؛ يعني: تمام نسبه, أشهد أن محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم ما ذكر هذا, لماذا؟ لأنه معلوم لكل إنسان أن محمدًا الموصوف بالرسالة هو محمد بن عبد الله - عليه الصلاة والسلام -, أن محمدًا عبده ورسوله, وهذا التقرير يفيد أنه لا يلزم للإنسان كلما ذكر الرسول, قال: اللهم صل على محمد, يجوز أن تقول: أن محمدًا رسول الله بدون أن تقول: صلى الله عليه وسلم؛ لأن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد فراغ الأذان ليست من جمل الأذان, وإلا فمن المعلوم أنه مشروع للإنسان إذا تابع المؤذن أن يقول بعد ذلك: اللهم صل على محمد, اللهم رب هذه الدعوة التامة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بذلك, لكنها ليست من جملة الأذان.
«عبده ورسوله» عبده رد للغالين فيه المدعين له ما يتبرأ منه صلى الله عليه وسلم, وهو أنه له تصرف في الكون, وأن له حظ من الربوبية, فهو عبد لا يعبد, هو نفسه عبد يحتاج إلى الله عز وجل, و «رسوله» رد على من؟ على المكذبين له الذين قالوا: إنه ساحر, مجنون, كاهن, فهو عبد لا يعبد, ورسول لا يكذب - عليه الصلاة والسلام -.
واعلم أن هذه العبودية التي وصف بها الرسول صلى الله عليه وسلم ووصف بها بقية الأنبياء هي أخص أنواع العبودية؛ لأن العبودية عامة وخاصة, وأخص من الخاصة؛ العبودية العامة في قوله تعالى: {إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدًا} [مريم: ٩٣]. هذه عامة, كل الخلق عبيد لله, والله تعالى سيدهم يفعل فيهم ما يشاء, يعز من يشاء, ويذل من يشاء, ويهدي من يشاء, ويضل من يشاء, ويؤت الملك من يشاء, وينزع الملك ممن يشاء, هو عز وجل السيد وما سواه مملوك عابد لله عز وجل العبودية القدرية العامة.
«حي على الصلاة» , حي: بمعنى أقبلوا, وهي اسم فعل لا يلحقه علامة الفعل, يعني: لا تقول للجماعة: حيوا, ولا الاثنين: حيا, وإنما نقول: حي على الصلاة للواحد, والجماعة, والاثنين؛ ولهذا نقول: إنه اسم فعل, والضابط لأسماء الأفعال كل لفظ دل على معنى الفعل ولم يقبل علامته فهو اسم فعل: إن دل على معنى الأمر فهو اسم فعل أمر, إن دل على الماضي فهو اسم فعل ماضٍ, إن دل على مضارع فهو اسم فعل مضارع, فكل ما دل على معنى الفعل ولم يقبل علامته فهو اسم فعل. «حي» بمعنى: أقبل على الصلاة.