للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يستثنى شيئًا في الإقامة ما هو؟

* نرجع لحديث أنس الماضي:

من فوائد حديث أنس: أن الفعل المبني للمجهول فيما يكون أمرًا أو نهيًا إذا قاله الصحابي فيعني به النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه صلى الله عليه وسلم هو الذي له الأمر والنهي, فإذا سمعت في حديث عن الصحابي «أمر الناس»؛ فالآمر هو الرسول صلى الله عليه وسلم, إذا سمعت: «أمرنا» فالآمر هو الرسول صلى الله عليه وسلم «نهينا» فالناهي هو الرسول - عليه الصلاة والسلام - ... وهكذا.

إذا قال قائل: ما حكم هذا؟

نقول: حكمة الرفع, ما دمنا نقول: إن الآمر والناهي هو الرسول فحكمه الرفع, يعني: كأنه قال: أمر رسول الله, أو نهى رسول الله.

فإن قال قائل: لماذا يعبر الصحابي بهذا اللفظ المبني لما لم يسم فاعله مع إمكانه أن يعبر بالفعل المبني للفاعل؟

قلنا: لعله نسي كيفية الصيغة ولكنه حفظ المعنى.

من فوائد هذا الحديث: أن الأذان يشفع لقوله: «أن يشفع الأذان» وهو ك ذلك, الأذان التكبير في أوله أربع, أو اثنتان على حسب ما جاءت به السنة, الشهادة اثنتان, والشهادة بالرسالة اثنتان, والحيعلتان اثنتان اثنتان, والتكبير في آخره اثنتان, والتشهد واحد, وهذا بالاتفاق؛ لأنها كلمة يختم بها الأذان ليكون وترًا كما هو الغالب في العبادات أنها وتر.

ومن فوائد الحديث: أن الإقامة تكون وترًا, ولكن كيف تكون وترًا إذا أخذنا بظاهر الحديث فهي على النحو التالي: «الله أكبر, أشهد أن لا إله إلا الله, أشهد أن محمدًا رسول الله, حي على الصلاة, حي على الفلاح, قد قامت الصلاة, قد قامت الصلاة - يعني: مستثنى -, الله أكبر, لا إله إلا الله» فتكون تسع جمل, وإلى هذا ذهب كثير من المحدثين وقالوا: إنها توتر على مقتضى هذا اللفظ, ولكن هذا أحد صفاتها في الحقيقة, ومن صفاتها أن تشفع في التكبير أولًا, وتشفع في التكبير آخرًا, وتشفع الإقامة فتكون شفعًا وتكون وترًا, الغالب عليها الوتر؛ لأن الشهادتين وتر, والحيعلتين وتر, وكلمة الإخلاص في آخرها وتر, فالغالب عليها الوتر, فالاحتمال الأول هو ظاهر اللفظ, والاحتمال الثاني يمكن أن اللفظ يحتمله, ويقال: إنه لما كان أغلبها وترًا صح أن يقال: ويوتر الإقامة.

ومن فوائد هذا الحديث: مراعاة الحال في التشريع في الأذان, يشفع لتكثر جمله, حتى يتسنى لمن لم يسمع أوله أن يسمع آخره, كذلك في الأذان يتأتى ويترسل فيه ويكون على مكان عال, أما في الإقامة فعلى العكس والفرق واضح؛ لأن الإقامة إنما هي لأقوام حاضرين

-

<<  <  ج: ص:  >  >>