يستثنى من وجوب استقبال القبلة: العاجز عن استقبال القبلة مثل أن يكون الإنسان مريضًا لا يستطيع أن يتوجه إلى القبلة, ودليل سقوطها عنه قول الله - تبارك وتعالى -: {لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها} [البقرة: ٢٨٦]. وقوله: {فاتقوا الله ما استطعتم} [التغابن: ١٦].
الثاني: الخائف على نفسه من عدو, أو سيل, أو نار؛ فيتجه حيث كان وجهه؛ لقول الله تعالى: {فإن خفتم فرجالًا أو ركبانًا} [البقرة: ٢٣٩]. ومعلوم أن الرجال الهاربين أو الركبان الهاربين فسوف يهربون إلى الجهة المخالفة للجهة المخوفة, والجهة المخوفة قد تكون شمالًا, أو جنوبًا, أو شرقًا, أو غربًا.
الثالث: النفل في السفر, وسيأتي إن شاء الله.
ولكن كيف تعرف القبلة؟ أما من كان يشاهد الكعبة فتعرف بالمعاينة, وأما من لا يمكنه مشاهدة الكعبة فتعرف بأدلة سماوية الشمس والقمر والنجوم, الشمس تشرق من المشرق وتغرب في المغرب, وكذلك القمر, وكذلك النجوم, وبعض النجوم ثابت في مكانه أو يتحرك قليلًا هذه العلامات, فإذا قدر أنك شرقي مكة فما قبلتك؟ الغرب, وإذا كنت غربي مكة, فقبلتك الشرق, إذا كنت بالجنوب فقبلتك الشمال ما بين مشرق الشمس ومغربها, وفي الشمال الجنوب ما بين مشرق الشمس ومغربها, وكذلك يقال في القمر والنجوم, النجوم من أثبتها وأقواها؟ القطب, ونحن في جهتنا هنا لا نشاهد إلا القطب الشمالي؛ لأن الأفق فيه قطبان شمالي وجنوبي نحن نشاهد الشمالي, فالشمالي يقولون: إنه نجم خفي لا يراه إلا حديد البصر, في غير ليالي القمر خفي جدًا إلا أن حوله نجم قوي واضح, وهو الجدي فهذا يدور حول القطب, ولذلك تجد مسافة دورانه مثل القرص الصغير؛ لأنه قريب من القطب, كلما بعدت النجوم عن القطب صار مدارها أوسع؛ ولهذا كان الناس عندنا منذ زمن يستدلون عليها بالجدي, الجدي هنا في منطقتنا يكون خلف أذن المصلي اليمنى إذا جعله خلف أذنه اليمنى فقد استقبل باب الكعبة, إذن يستدل بالشمس والقمر والنجوم هنا يعني في عصرنا الآن يسر الله - ولله الحمد - آلات وأجهزة تدلك على اتجاه القبلة, وإذا قدر أنها لا تصيب عين الكعبة فإنها تصيب قطعًا جهة الكعبة, وكفى لأنه ليس لنا أن نتعمق ونقول: لابد أن نصيب عين الكعبة وهي بعيدة عنا, ولكن الجهة يسرها الله - ولله الحمد - على وجوه شتى, وهي الآن سهلة المنال وسهلة العلم وهذا من التوفيق, لكن لو فرض أن الإنسان لم يجد ولا يعرف النجوم ولا الشمس ولا القمر ولا يجد آية يستدل بها فإنه يتحرى, وأي جهة يركن إليها ويميل إليها يتجه إليها وهذا قد يقع, يخرج الإنسان للبر وليس عنده علم من أدلة القبلة, وليس عنده من يسأله؛