أهل البيت أدرى به وجهوه إلى هذه الجهة, فلا يلزمه أكثر من هذا, فإن سأل صبيًا قال له: أين القبلة؟ فقال له: القبلة هذه, ثم تبين أنه خطأ يعيد أو لا؟ يعيد, لماذا؟ لأن الصبي لا يوثق به, فهو مفرط إذا اعتمد على قول الصبي؛ ولهذا ينبغي للإنسان إذا نزل ضيفًا على أحد وهو يريد أن يصلي أن يسأل صاحب البيت أين القبلة, حتى لا يقع في خطأ.
ومن فوائد هذا الحديث: أن القرآن الكريم قد ينزل ابتداء, وقد يكون له سبب, من أين تؤخذ؟ لقوله: «فنزلت: {فأينما تولوا فثم وجه الله}».
ومن فوائد الحديث: أن الله تعالى واسع عليم محيط بكل شيء {فأينما تولوا فثم وجه الله} إلى أي جهة {فثم} , أي: فهناك, أي إلى الجهة التي اتجهتم إليها وجه الله, وما مقصود المصلي باتجاه القبلة إلا أن يكون الله قبل وجهه كما جاء في الحديث الصحيح.
هنا إشكال: وهي كلمة (ثم) ظرف مكان, فهل الله عز وجل في المكان الذي اتجهت إليه؟
الجواب: لا, ولا يمكن ذلك فهو في السماء على عرشه, لكنه في الجهة التي اتجهت إليها, وإن كان فوق والمواجهة لا تنافي العلو, أرأيت لو وقفت عند غروب الشمس فانظر إلى الشمس أين تكون؟ قبل وجهك وهي في السماء وهي مخلوقة, فكيف بالخالق عز وجل.
ومن فوائد الحديث: من هذه الآية إثبات وجه الله - تبارك وتعالى - لقوله: {فثم وجه الله} وهل هو وجه حقيق؟ الجواب: نعم, هو وجه حقيقي, فلله تعالى وجه لكنه لا يماثله شيء؛ لقوله تعالى: {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} [الشورى: ١١]. والجواب: علينا في أمور الغيب أن نؤمن بها دون أن نسأل عن كيفيتها؛ لأن أمور الغيب أعمق من أن تحيط بها عقولنا, فلا نسأل ولا نتصور إلا ما جاء به النص فقط, فنثبت أن الله وجهًا ولكننا لا نسأل عن كيفية وجهه ولا نقر كيفيته في أذهاننا, وهذه قاعدة في جميع أمور الغيب, أريحوا أنفسكم لا تتكلفوا السؤال, لو كان السؤال عن مثل هذه الأمور خيرًا لكان أول من يفعله الصحابة - رضي الله عنهم -, ولو كان بيان كيفية هذه الأمور خيرًا لبينه الله عز وجل كما قال تعالى: {ونزلنا عليك الكتاب تبيانًا لكل شيء} [النحل: ٨٩]. فأرح نفسك, ولا تتعدى ما جاء في الكتاب والسنة من أمور الغيب المتعلقة بالله عز وجل, أو المتعلقة باليوم الآخر, أو المتعلقة بأحوال البرزخ, أو غير ذلك, كل الأمور الغيبية؛ لأنها فوق مستوى العقول.
أسئلة:
- سبق لنا أن استقبال القبلة شرط لصحة الصلاة, فما دليلك؟
-