منها شيطان كما جاء ذلك في أحاديث, وإن كانت ضعيفة لكن تعليلها وجيه, وخلقت من الشياطين, أي: أن من طبيعتها الشيطنة والتمرد, وليس المعنى: أن الشياطين هم أصلها, وهو كقوله تعالى: {خلق الإنسان من عجل} [الأنبياء: ٣٧]. أي: أن طبيعته العجلة, هذه أيضًا طبيعتها الشيطنة, فلا يجوز أن يصلي في معاطن الإبل.
السابع: «فوق ظهر بيت الله» , ولم يقل: في بطن بيت الله, قال: «فوق ظهر بيت الله»؛ وذلك لأن الكعبة المعظمة - زادها الله شرفًا وتعظيمًا - ليس لها جدار في سقفها فيما سبق, وإذا صلى لم يكن بين يديه شاخص منها؛ أي: ليس هناك شيء قائم حتى يتجه إليه, فلا يكون موليًا وجهه شطر المسجد الحرام؛ لأن المسجد الحرام منفصل عن الجهة التي هو فيها, أي: أعلاها وسطحها؛ هذه هي العلة, أما داخل البيت فلا نهي فيه, لا في الفريضة ولا في النافلة, وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في جوف الكعبة, وما ثبت في النفل ثبت في الفرض على أن القول بأن النهي يشمل ما في بطن الكعبة, والحديث «فوق ظهر بيت الله» قول بلا دليل.
على كل حال: هذا الحديث سندًا ضعيف لا يصح, لكن متنًا ينظر إذا كان للأحكام التي في هذا المتن شواهد من الأحاديث الصحيحة أخذنا بها؛ لأن الأحاديث تشهد لها:
فلننظر أولًا: «المزبلة» ليس في الأحاديث - فيما أعلم - ما يدل على منع الصلاة فيها, لكن التعليل الذي ذكرنا يؤخذ منه منع الصلاة فيها, وهي أنها لا تليق بالمصلي الذي يقف بين يدي الله أن يقف في المزبلة.
الثانية: «المجزرة» نفس الشيء غالبًا تكون منتنة فيها الدماء وفيها الأوساخ وفيها الأقذار, فلا تليق الصلاة فيها, بناء على هذا إذا كانت المزبلة واسعة وجوانبها كلها نظيفة هل يصلي فيها أو لا؟ يصلى فيها, وكذلك يقال في المجزرة فيها غرف أو حجرات نظيفة ليس فيها شيء لكنها داخل المجزرة, فإن الصلاة فيها صحيحة.
الثالثة: «المقبرة» عرفنا أنه لا تجوز الصلاة فيها مطلقًا حتى في جوانبها البعيدة عن القبور ما دام داخلًا في اسم المقبرة فإنه يمنع من الصلاة فيها؛ لماذا؟ سدًا لذريعة الشرك.
«قارعة الطريق» إن كانت الطريق نجسة فالأمر فيها ظاهر, إن كانت طاهرة كطرقنا اليوم طرق سيارات ليس فيها شيء نجس, لكن نقول: التعليل يؤيد هذا؛ لأن قارعة الطريق إن منع