الناس المرور فيها فقد اعتدي عليهم والعدوان محرم, وإن لم يمنع شوشوا عليه كثيرًا ولم يدرك أن يصلي الصلاة المطلوبة.
«الحمام» سبق الكلام فيه.
«معاطن الإبل» أيضًا التعليل فيها إن كانت الإبل موجودة فيخشى عليه منها ولم يستقر له قرار وهي تحوم حوله, وإن كانت غير موجودة فلأن معاطنها مأوى الشياطين.
والسابع: «فوق ظهر بيت الله» وعرفتم السبب, وهو أنه إنما لا تصح؛ لأنه ليس في سطحها شيء شاخص يصلي إليه؛ ولهذا لما هدم عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما الكعبة ليبنيها على قواعد إبراهيم أمر أن يبنى خشب يتجه الناس إليه في صلاتهم ويطوفون به في نسكهم.
إذا قال قائل: إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة في هذا, لكن لو صلى أتصح صلاته؟
يجب أن نعلم قاعدة: أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا نهى عن شيء لزمانه أو مكانه فإنه لا يصح؛ لأن تصحيحه مضادة لأمر الله ورسوله, فمثلًا لو صام في العيد, النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صوم العيدين, لكن لو صام يصح أو لا يصح؟ لا يصح؛ لأننا لو صححناه لكان في هذا مضادة لله عز وجل ورسوله, كذلك ما نهى عن إقامة العبادة فيه من الأمكنة فإنه نظير ما ينهى عنه من الأزمنة فإذا لم نصحح العبادة التي وقعت في زمن منهي عنها فيه, فكذلك إذا وقعت العبادة في مكان منهي عن إيقاعها فيه فلا تصح.
لو قال قائل: أرأيتم لو حبس في هذا أتصح صلاته؟ نعم, تصح لعموم قول الله تعالى: {لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها} [البقرة: ٢٨٦]. لكن لو قال قائل: مروه أن يصلي ويقضي؟ قلنا: لا يمكن, هذا باطل؛ لأن الله لم يفرض الصلاة إلا مرة واحدة, وكل من قال من الفقهاء في هذا الباب أو في باب الحيض في مسألة الدم المشكوك فيه أنه يلزم فعل العبادة ثم قضاؤها فهو قول لا معول عليه, ولا صحة له, وكيف نقول: افعل العبادة, ثم نقول: اقضها؛ لأننا إذا قلنا: اقضها صارت العبادة الأولى باطلة, والباطل لا يجوز أن يؤمر به, وإن قلنا: إن العبادة الأولى مأمور بها وصحيحة, قلنا: إذن لا نلزمه بأن يقضيها, فالصواب: أن كل من أمرناه بفعل عبادة ثم فعلها فإنه لا يؤمر بقضائها على أي حال.
قوله: «ظهر بيت الله» البيت بناء معروف أضافه الله إلى نفسه, ومن المعلوم بالاتفاق أنه ليس المعنى: أن الله - جل وعلا - يسكنه حاشا وكلا؛ لأن الله تعالى فوق العرش, لكن لماذا أضافه الله إلى نفسه؟ تكريمًا وتعظيمًا؛ تكريمًا لهذا البيت وتعظيمًا له, واعلم أن المضاف إلى