٢٣٩ - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«التثاؤب من الشيطان, فإذا تثاءب أحدكم فليكظم ما استطاع». رواه مسلم. والترمذي وزاد:«في الصلاة».
«التثاؤب» مبتدأ «ومن الشيطان» خبره؛ يعني: أن الشيطان هو الذي يأتي بالتثاؤب, وما هو التثاؤب؟ معروف, ومثل هذه الأشياء لا يمكن أن تحدها أو تعرفها. لو قال لك مثلًا: ما هو العطاس؟ العطاس ربما نقول: أقرب إلى أن يحد وهو «خروج الريح من الأنف بصفة مخصوصة, لكن التثاؤب ماذا نقول؟ هذه الأشياء الفطرية الطبيعية تعريفها صعب, لكن قوله: «من الشيطان» أي: أن التثاؤب الشيطان سببه, «فإذا تثاءب أحدكم فليكظم ما استطاع»«إذا تثاءب» أي: أتاه التثاؤب؛ لأن قوله:«فليكظم» يقتضي أنه إذا كظم لا يتثاءب, لكن إذا تثاءب أي: طرأ عليه التثاؤب وأحسن به, «فليكظم»؛ أي: فليمنع, ومنه قوله تعالى:{والكاظمين الغيظ}[آل عمران: ١١٩]. أي: المانعين «ما استطاع» أي: بقدر استطاعته, فإن عجز لم يذكر في الحديث لكن جاء في حديث آخر «صحيح»: «إن عجز وضع يده على فيه» , وضعها وضعًا طبيعيًا لا مقلوبة كما اختاره بعض العلماء يقولون: تضعها مقلوبة, وعلل هذا بأنه إذا وضعها على فمه على ظهرها كأنما يدافع الشيطان بيده, ولكن نقول: الحديث لا يدل على ذلك.
يقول: زاد الترمذي: «في الصلاة» يعني: أن قوله: «التثاؤب من الشيطان»؛ يعني: أن الشيطان هو الذي يحمل المصلي على التثاؤب؛ لأنه يدل على الكسل والاسترخاء, لكن الأخذ بالعموم أولى؛ لأن سبب التثاؤب واحد لا في الصلاة ولا في غيرها, وهو ميل البدن إلى الكسل, ومن ثم نعلم أن الطفل إذا أتاه النوم من أين نعلم أنه يريد النوم؟ من كثرة تثاؤبه, والإنسان إذا صار كسلام يكثر تثاؤبه.
في هذا الحديث من الفوائد: أن للشيطان تأثيرًا على البدن حتى إنه يطرأ منه التثاؤب, ويشهد لهذا قول النبي صلى الله عليه وسلم:«إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم». ويشهد لهذا أن النبي