استطاعوا أن يملكوا أنفسهم أن يلعبوا في المسجد برماحهم ونبلهم.
وقولها: «يلعبون في المسجد» «أل» للعهد الذهني كما سبق؛ أي: مسجد النبي صلى الله عليه وسلم, وكان هذا أيام عيد, فتكلم فيهم عمر رضي الله عنه فقال: «دعهم حتى يعلم اليهود أن في ديننا فسحة».
هذا الحديث فيه فوائد عظيمة:
منها: جواز اللعب بالرماح والنبال وما أشبه ذلك في المسجد هكذا نقول, لكن هل هو من السنة أو من الأمر الجائز؟ الثاني: من الأمر الجائز, ولا نقول للناس إذا كان يوم العيد: هاتوا النبادق والسيوف والعبوا في المسجد, ولكن هذا مشروط بشيئين: ألا يتأذى المسجد وأهله بهذا اللعب. الشرط الثاني: أن يكون ذلك لغرض صحيح وهو أن يعلم أعداء الإسلام أن دين الإسلام دين يسر وسهولة, وأعطاء النفوس حظها من المرح واللعب في الأيام المناسبة.
ومن فوائد هذا الحديث: أنه لا حرج في أيام الأعياد أن تقام مثل هذه الأفعال؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أٌر الحبشة على هذا, لكن قلنا: لابد أن يكون هناك مصلحة إذا كان في المسجد, أما في غير المسجد فهو من الأمور المباحة؛ ولهذا لما أنكر أبو بكر رضي الله عنه على الجارتين اللتين كانتا تغنيان قال النبي صلى الله عليه وسلم: «دعهما فإنها أيام عيد». وهذا مما يدل على كمال الإسلام أنه يعطي النفوس بعض الحرية والانطلاق في المرح واللعب؛ لأن الطبيعة البشرية لا يمكن أن تبقي النفس مكبوتة لا تتحرك ولا تمرح ولا تمزح لابد من شيء ولكنه في الحدود الشرعية.
ومن فوائد هذا الحديث: حسن خلق النبي صلى الله عليه وسلم في معاملة أهله, وقد قال عن نفسه صلى الله عليه وسلم: «خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي». اللهم صل وسلم عليه. وهكذا ينبغي للإنسان أن يدخل السرور على أهله حتى في هذه الأمور بشرط ألا يحصل في ذلك مفسدة, فإن حصل في ذلك مفسدة فلا يمكن الإنسان أهله أن يذهبوا إلى محل الألعاب واللهو, وهناك مثلًا رجال ينظرون وأناس يخشى منهم الفتنة, لكن لا بأس أن يخرجهم في بعض الأحيان حتى يحصل لهم من الفرح والمرح ما هو مقيد بالشريعة.
ومن فوائد هذا الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: لها أشبعت؟ حتى قالت: شبعت, يعني: لم يجعلها تتفرج لمدة وجيزة ثم يصرفها, أبقاها حتى انتهت رغباتها وكذلك ينبغي في معاملة الأهل لاسيما في الشابات من بنات أو زوجات أو ما أشبه ذلك؛ لأن لكل مقام مقالًا, ولكن