الشابة يجب أن يقدر لها قدرها.
ومن فوائد هذا الحديث: جواز نظر المرأة إلى الرجال, وجهه: أن عائشة تنظر إلى الحبشة وهم رجال وأقرها النبي صلى الله عليه وسلم.
فإن قال قائل: كيف تقولون بهذا, وقد قال الله تعالى: {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن} [النور: ٣١].
فالجواب: أن الله قال: {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن} و «من» للتبعيض, والتبعيض لا يقتضي الكل, لو كان لفظ الآية: (وقل للمؤمنات يغضضن أبصارهن) لكان في هذا إشكال مع هذا الحديث, لكن {يغضضن من أبصارهن} , وعليه فنقول: الآية لا تعارض هذا الحديث؛ لأن لما دخلت عليها (من) صار الواجب غض بعض البصر, ومتى يكون واجبًا؟ إذا خيفت الفتنة, لو كانت المرأة تنظر إلى الرجال تتمتع بالنظر إليهم أو تتلذذ بالنظر إليهم صار هذا حرامًا.
فإن قال قائل: ما الجواب عن حديث عبد الله بن أم مكتوم حين دخل على زوجتي الرسول صلى الله عليه وسلم فأمرهما أن تحتجبا عنه, فقالا: يا رسول الله, إنه رجل أعمى, فقال: «أفعمياوان أنتما؟ ».
فالجواب: أن هذا حديث ضعيف لا يصح, وإذا كان ضعيفًا سقطت المعارضة به؛ لأنه لا يقاوم الصحيح إلا ما كان صحيحًا, أما إذا كان ضعيفًا فلا يعتبر معارضًا, قال أهل العلم: ويدل لذلك أننا نحن لم نؤمر بالحجاب؛ لأنه لو كان يحرم على المرأة أن تنظر إلى الرجل لقلنا للرجل: غط وجهك كما قلنا تغطي وجهها حين صار نظر الرجال إليها محرمًا, وقول المؤلف رحمه الله: «الحديث». وتقرأ الحديث بالنصب, ويكون التقدير: اقرءوا الحديث, أو أكملوا الحديث, وربما نقول: هي منصوبة بنزع الخافض؛ يعني: إلى الحديث؛ أي: إلى نهايته.
٢٥٠ - وعنها رضي الله عنها: «أن وليدة سوداء كان لها خباء في المسجد, فكانت تأتيني فتحدث عندي ... ». الحديث. متفق عليه.
قوله: «وعنها» أي: عائشة رضي الله عنها, «أن وليدة سوداء» يعني: عبدة أمة, و «سوداء» هذا وصف لبيان الواقع, وليس بشرط أن تكون سوداء أو بيضاء, «كان لها خباء في المسجد» الخباء هو: الخيمة الصغيرة, «فكانت تأتيني فتحدث عندي»؛ تأتيها أي: في بيتها؛ لأن بيت عائشة رضي الله عنها إلى جنب المسجد, وله باب على المسجد.