ساق المؤلف هذا الحديث لفائدة: وهي جواز ضرب الخباء للأمة إذا لم يكن لها من يكفلها وهذا ضرورة, ولعل هناك أيضًا أشياء خاصة اقتضت ذلك؛ لأن هذه القضية قضية عين, لا نستطيع أن نقول: يستفاد منها أن تضرب الأخبية للإماء, فهذه قضية عين اقتضت أن يضرب لهذه الوليدة خباء في المسجد.
ومن فوائد هذا الحديث: أن تحدث الناس بعضهم إلى بعض من طريق السلف؛ لأن الإنسان لابد أن يتكلم مع الناس فهو مدني بالطبع, ومن ثم نرى الرجل إذا كان منزويًا لا يحدث الناس ولا يحدثونه نجد أنه يكون في نفسه انقباض, ولو أنه انطلق لكان خيرًا له.
فإن قال قائل: كثرة الكلام يخشى منها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت».
فالجواب: أن الخير نوعان: خير في ذات الكلام؛ كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, والتسبيح, وما أشبه ذلك, وخير لغيره - يعني: لغير ذات الكلام - وهو أن يكون الكلام من الكلام المباح لكنه يريد أن يحدث إخوانه لإدخال السرور عليهم والانبساط فهذا خير, حتى لو كان مضمون الكلام ليس خيرًا في ذاته؛ لأن إدخال السرور على إخوانه من الأشياء المطلوبة التي يثاب الإنسان عليها.
أسئلة:
- هل يجوز أن يضرب خباء في المسجد, وهل لذلك شروط؟
- هل يجوز للمرأة أن تنظر إلى الرجال؟
- ما هو الدليل على جواز ذلك؟ حديث عائشة. وجه الدلالة: إقرار النبي.
- كيف تجمع بين هذا الحديث, وقوله تعالى: {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن} [النور: ٣١]؟
٢٥١ - وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «البزاق في المسجد خطيئة وكفارتها دفنها». متفق عليه.
«البزاق»: هو الريق الغليظ سواء كان نخامة أو غير نخامة, وأما الريق الخفيف الذي لا يؤثر فهذا لا يسمى بزاقا, وقوله: «في المسجد» «أل» للعهد الذهني أو للاستغراق؟ الثاني؛ أي: في كل مسجد, وقوله: «خطيئة» أي: سيئة؛ لأنها من خطئ يخطئ فهو خاطئ, بخلاف أخطأ يخطئ فهو مخطئ, فهذا مما يعذر به, خطيئة أي: سيئة, «وكفارتها» أي: سترها والتجاوز عنها, «دفنها»