النبي صلى الله عليه وسلم عن قربان المسجد فيمن أكل بصلا أو ثوما في يوم خيبر، قال الناس: حرمت حرمت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"إنه ليس لي تحريم ما أحل الله". يعني: ليس لي التحريم.
التحريم إلى من؟ إلى الله عز وجل، فإذا أحل الرسول شيئا أو حرم شيئا علمنا أن الله قد أذن له، ليس المعنى أنه إذا أحل شيئا نقول: أين الدليل أن الله حرمه، فكفى بقول الرسول صلى الله عليه وسلم دليلا، لكن نعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم ما أحله ولا حرمه إلا بإذن الله.
قال لهم:"إنه ليس لي تحريم ما أحل الله، ولكنها شجرة أكره ريحها"، فدل هذا على أن محمد رسول الله لا يملك أن يحرم ثم إنه في القرآن ما يدل على هذا {ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين فما منكم من أحد عنه حاجزين}[الحاقة: ٤٤ - ٤٧].
إذن الرسول - عليه الصلاة والسلام- معصوم من أن يتقول على الله، فإذا لم يأذن له الله في تحليل شيء أو تحريمه فلن يحلله ولن يحرمه.
من فوائد هذا الحديث: حسن تعليم الرسول - عليه الصلاة والسلام- وإلقائه الخطاب، وذلك بالإجمال ثم التفصيل "ميتتان ودمان"، عندما يرد على سمع المخاطب مثل هذه تجده يتشوق ما هذا؟ ما هاتان الميتتان وهذان الدمان؟ وهذا لا شك أنه من حسن التعليم، أن الإنسان يأتي بالشيء مجملا ثم يأتي به مفصلا، وقد وصف الله آيات القرآن بذلك قال:{كتاب أحكمت ءاياته ثم فصلت}[هود: ١]. فالإجمال ثم التفصيل لا شك أنه من أساليب البلاغة البالغة.
ومن فوائد هذا الحديث: أن الجراد ميتته حلال، وهذا إذا صار بفعل آدمي فلا شك في ذلك كما لو شوى الجرادة أو كبها في الماء الذي يغلي من النار هذا واضح أنه حلال؛ لأنه من فعل العبد، لكن لو وجدنا جرادا ميتا على ظهر الأرض أحلال هو أم لا؟ حلال، إلا إذا علمنا أنه مات بسم؛ يعني: أن مبيدات رشت عليه ومات، فهنا نقول: لا تأكله؛ لأن في ذلك ضررا، والدين الإسلامي قاعدته:"لا ضرر ولا ضرار".
إذا قال قائل: ما الحكمة في أن ميتته تحل وهو حيوان بري يعيش في البر؟
قال العلماء: الحكمة في ذلك: أنه ليس له دم، وأصل خبث الميتة: احتقان الدم فيها، ولذلك إذا أنهر الدم وماتت صارت حلالا، الجراد ليس فيه دم فلذلك صارت ميتته حلال، إذا كان الحيوان مما يحرم أكله لخبثه وليس له دم صار طاهرا، وقصة الذباب تعرفونها الرسول أمر "إذا وقع الذباب في شراب أجدنا أن نغمسه". وهو سوف يموت إذا كان الشراب حارا.