للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن فوائد هذا الحديث: وجوب الركوع والطمأنينة فيه لقوله: "اركع"، وسبق لنا تعريفه ومقدار الواجب منه، وكذلك مقدار الواجب من الطمأنينة.

ومن فوائد هذا الحديث: وجوب الرفع من الركوع لقوله: "ثم ارفع"، وهل يشترط قصد الرفع من الركوع أو لا؟ الجواب: نعم يشترط، وعلى هذا فلو أن إنسانًا كان راكعًا، ثم سمع سقوط شيء، ثم قام هل يعتد بهذا القيام أم لا؟ فالجواب: أنه لا يكفي؛ لماذا؟ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نص [عليه بقوله]: "ثم ارفع"، فلا بد من إرادة الرفع ونية الرفع.

ومن فوائد هذا الحديث: أنه لابد من القيام، القيام بعد الركوع لقوله: "حتى تعتدل قائمًا" والرواية الأخرى: "حتى تطمئن"، فلو رفع قليلًا من الركوع وهو منحن لم يجزيء، اللهم إلا أن يصيبه شيء ما يستطيع أن يستقيم، فهنا نقول: اتق الله ما استطعت؛ لأن أحيانًا يصاب الإنسان بما يسمى بشد العصب، لا يستطيع أن ينهض فنقول: اتق الله ما استطعت.

ومن فوائد هذا الحديث: وجوب السجود بعد الرفع من الركوع لقوله: "اسجد" وهذا مطلق، لكن جاء في حديث ابن عباس رضي الله عنها أنه لابد من السجود على سبعة أعضاء: الجبهة، ويتبعها الأنف، والكفين، والركبتين، وأطراف القدمين، وبأيهما يبدأ بالركبتين، أم باليدين الحديث هنا ليس فيه شيء، فإذا رجعنا إلى الأصل- بقطع النظر عن ورود السنة- وجدنا الترتيب الجسدي أن يبدأ بالركبتين ثم بالكفين، ثم الجبهة من الأنف، وهذا هو المطابق للحال الطبيعة، وهو أيضًا المطابق للسنة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير". والبعير إذا برك يبدأ باليدين، هذا المعروف كل إنسان يشاهد البعير إذا برك يبدأ باليدين فينحط مقدم جسمه قبل مؤخره، وقد جاء في نفس الحديث المذكور: "ولبضع يديه قبل ركبتيه"، فاختلف العلماء – رحمهم الله – في هذا؛ منهم من أخذ بآخر الحديث، ومنهم من لم يأخذ به، وقال: الأصل في الحديث الجملة الأولى وهي المطابقة أيضًا للأحاديث الأخرى مثل: "إذا سجد أحدكم فلا يفرض يديه افتراض السبع". وقالوا: العمل على الجملة الأولى فماذا نصنع في الجملة الثانية، قال ابن القيم رحمه الله في "زاد المعاد": إنها منقلبة على الراوي، وقال: إن انقلاب الشيء على الراوي ليس بغريب، وذكر لهذا أمثلة، وصدق رحمه الله أنها منقلبة عند التأمل؛ لأنه إذا قال: "لا يبرك كما يبرك البعير" كان الذي يتوقع السامع أن يقول: "ولبضع ركبتيه قبل يديه"، لكن قال: "وليضع يديه"، حاور بعض الإخوان الذين يقولون: إنه يضع اليدين قبل

<<  <  ج: ص:  >  >>