"وإذا ركع أمكن يديه من ركبتيه" يعني: ضم يديه على ركبتيه حتى تتمكن اليدان من الركبتين، وقد عبر الفقهاء عن ذلك بكونه يقبض ركبتيه.
"ثم هصر ظهره" هصر: يعني نزل، وضده أن يقوس الظهر وهنا تقويس الظهر، وهصر الظهر ومساواته مع الرأس، المشروع: الثاني، أن يهصر ظهره ويساويه مع رأسه، أما أن يحتودب فلا، وقد جاء في الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم يهصر ظهره ويجعل رأسه حياله حتى لو صب عليه الماء لاستقر من شدة المساواة. بعض الناس تجده يقوس ظهره، وبعض الناس يعدل ظهره لكن يرفع رأسه وظهره، وبغض الناس يهصر ظهره ورأسه حتى ينزل كثيرًا، ولكن الأمر في ذلك واسع، يعني: كله جائز وكله مجزيء، لكن خير الهدى هدي محمد صلى الله عليه وسلم، اعرف كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يركع واركع مثله.
"فإذا رفع رأسه استوى حتى يعود كل فقار مكانه" إذا رفع يعني: من الركوع. "استوى" يعني: اعتدل، والاستواء في الأصل بمعنى الكمال، ويطلق على معان كثيرة حسب ما يتقيد به، فإن جاء مطلقًا فهو بمعنى الكمال، ومنه قول الله- تبارك وتعالى-: {ولما بلغ أشده واستوى}[القصص: ١٤]. أي: كمل في العقل وذلك ببلوغه أربعين سنة.
الثاني: ويأتي مقيدًا بـ "على" ومنه قوله –تبارك وتعالى-: {وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون لتستوأ على ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه}[الزخرف: ١٢ - ١٣]. فيكون بمعنى:"على"، ومنه قوله تعالى:{الرحمان على العرش استوى}[طه: ٥]. أي: علا على العرش.
الثالث: وتأتي مقيدة بـ "إلى" نقول: "استوى إلى كذا" ومعناه: قصد إلى كذا على وجه تام في الإرادة والقدرة، "استوى إلى كذا" أي: انتهى إليه على وجه تام من الإرادة والقدرة، ومنه قول الله- تبارك وتعالى-: {ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سموات}[البقرة: ٢٩]. على أحد التفسيرين.
الرابع: أن يقيد بالواو فتكون بمعنى التساوي، نقول: استوى فلان والباب، يعني: تساوى مع الباب، "استوى فلان والسقف" هذا في الغالب، ومنه قولهم:"استوى الماء والخشبة" يعني: تساوى مع الخشبة، ويسمون هذه (الواو) واو المعية وتنصب ما بعدها يسمى مفعولًا معه، وبالمناسبة نذكر لكم بيتًا في المفاعيل يقول:
إن المفاعيل خمس مطلق وبه ... وفيه معه له فانظر إلى المثل
ضربت ضربا أبا عمر غداة أتى ... وسرت والنيل خوفًا من عقابك لي