للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السيطرة التامة، ولهذا جاء في سورة الفاتحة قراءتان: {مالك يوم الدين}، و {ملك يوم الدين}، فإذا ضممت القراءتين بعضهما إلى بعض نتج عن ذلك أنه مالك ملك في الدنيا، قد يكون الإنسان ملكًا وليس بملك، فالإنسان يملك السيارة وليس بملك، يملك شاته وليس بملك، فإذا جمعت القراءتين نتج منهما أنه ملك مالك –سبحانه وتعالى-.

"لا إله إلا أنت" أسأل ما معنى لا إله إلا أنت؟ لا معبود حق إلا أنت، إذن "إله" بمعنى: مألوه، يعني: لا معبود حق إلا أنت، وأما ما عبد من دون الله فهو وإن سمي إلهًا فليس بإله؛ لأنه ليس بحق كما قال عز وجل: {ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو البطل} [الحج: ٦٢].

"أنت ربي وأنا عبدك" هذا من تحقيق الربوبية والإلوهية، تحقيق الربوبية في قوله: "أنت ربي"، والإلوهية في قوله: "وأنا عبدك" لأن العبد لابد أن يتعبد بما أراد معبوده ... إلخ.

كأن المؤلف رحمه الله لم يسقه تمامًا كله اختصارًا أو اقتصارًا؛ لأنه مقيد لصلاة الليل، وليس استفتاحًا عامًا في كل الصلوات، فلذلك لم يسقه تامًا رحمه الله.

في هذا الحديث فوائد منها: جواز الاستفتاح بها الذكر، دليل ذلك وروده عن النبي صلى الله عليه وسلم أن المصلي موجه وجهه الظاهر والباطن إلى الله عز وجل.

ومن فوائده أيضًا: أن الذي فطر السموات والأرض هو الله- تبارك وتعالى- لم يخلقهما أحد سواه ولم يشارك في خلقهما أحد سواه، ولم يعنه على خلقهما أحد قال الله- تبارك وتعالى-: {قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرٍة في السموات ولا في الأرض} يعني: على وجه الاستقلال- {وما لهم فيهما من شرك} – على وجه المشاركة- {وما له منهم من ظهير} [سبأ: ٢٢] أي: ما لله منهم من مساعد ومعين، فنفي الله – تبارك وتعالى- الاستقلال والمشاركة والمعاونة؛ لأن الكل له عز وجل.

نشرح ما حذفه المؤلف: {حنيفًا وما أنا من المشركين} {حنيفًا}: أي: مائلًا عما سواه، {وما أنا من المشركين} من باب التأكيد، فيستفاد من ذلك: أن المعاني العظيمة ينبغي أن تؤكد بمؤكدات معنوية لا بالتأكيد المعروف عند النحويين.

ومن فوائد هذا الحديث: أن الصلاة وسائر العبادات يجب أن تكون خالصة لله لقوله: {إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين}.

ومن فوائد الحديث: الاستدلال على استحقاق الإلوهية بثبوت الربوبية لقوله: {لله رب العلمين}. والله- تبارك وتعالى- يحتج على الذين يشتركون به في ألوهيته بإقرارهم بربوبيته؛ يعني: كيف تؤمنون بأنه رب وهو الخالق وحده ثم تعبدون معه غيره، هذا مناف للعقل.

<<  <  ج: ص:  >  >>