ومن فوائد هذا الحديث: أنه لا بأس بالتلبية في غير الأحرام لقول النبي (صلى الله عليه وسلم): "لبيك"؛ وذلك لأن "لبيك" بمعنى: أجاب وأقام، وهو في كل عبادة بحسبها، فالذي يقول في دعاء الاستفتاح "لبيك" لا يريد أنه دخل في النسك، يريد أنه لبى الله في غير العبادة، ومن خصال النبي (صلى الله عليه وسلم) وأخلاقه: أنه إذا رأى في الدنيا ما يعجبه قال: "لبيك إن العيش عيش الآخرة"، كلما رأى ما يعجبه. افترض أنك مثلًا رأيت سيارة فخمة أعجبتك ماذا تقول؟ تقول:"لبيك إن العيش عيش الآخرة"، رأى قصرًا أنيقًا أعجبه ماذا يقول؟ يقول:"لبيك إن العيش عيش الآخرة"، فيقول:"لبيك" من أجل أن يجلب نفسه إلى عبادة الله؛ لأن النفس قد تنصرف إلى زهرة الدنيا، ويقول: إن العيش عيش الآخرة، يسلي نفسه أنه إذا فاته عيش الدنيا فالعيش عيش الآخرة، وهذا حق، ولهذا هؤلاء الذين عندهم القصور وعندهم السيارات هل سيخلدون في هذه القصور، هل ستبقى لهم هذه السيارات؟ أبدًا، إذن هذا العيش ليس بشيء، العيش حقيقة هو عيش الآخرة.
ومن فوائد هذا الحديث: أن النبي (صلى الله عليه وسلم) مفتقر إلى الله تعالى في الإسعاد لقوله: "وسعديك".
ومن فوائده: أن الخير بيد الله، وإذا كان بيد الله فمن تطلب أن يعطيك الخير؟ الله (عز وجل) حتى في الأمور التي يكون فيها البشر سببًا اسأل الله، لو أنت مثلًا عند الطبيب ليعالجك لا تجعل قلبك معلقًا بالطبيب وحده، اجعله معلقًا بالله (عز وجل)؛ لأن الخير في يده- سبحانه وتعالى-.
ومن فوائد هذا الحديث: أن الشرَّ لا يُنسب إلى الله لقوله: "والشر ليس إليك"، وهنا إشكال بل إشكالات:
الأول: إذا قلنا: إن الشر ليس يُنسب إلى الله، فهل نقول: إن الشر غير مُقدر لله؟ قد يقول قائل: إن الشر غير مقدر لله؛ لأن الرسول –صلى الله عليه وسلم- قال:"الشر ليس إليك". فالمعاصي والفساد والقحط والجدب ليس من تقدير الله؛ لأنه شر، والشر ليس إليه. هذا واحد.