ومن فوائد هذا الحديث: أن الإنسان لا تقوم مصالح دينه ودنياه إلا إذا آمن بهذه القضية العظيمة، التي أشار إليها النبي- صلى الله عليه وسلم- بقوله:"أنا بك وإليك"؛ ففيه الإشارة إلى الاستعانة بالله والإخلاص له بقوله:"أنا بك وإليك".
ومن فوائد هذا الحديث: البركة العظيمة فيما يتعلق بأسماء الله وصفاته لقوله: "تباركت"، وقد فسرها الإمام محمد بن عبد الوهاب- رحمه الله- فقال:"تباركت" أي: أن البركة تُنال بذكرك، وهذا لاشك أنه داخل في المعنى، لكن المعنى أعم، فكل ما يصدر من الله فهو خير وبركة ولاسيما في الشرائع، رجل سمَّى الله حين ذبح الذبيحة فكانت حلالًا، والآخر لم يُسم فكانت حرامًا، والفعل واحد، والسكين واحد، وإنهار الدم واحد، والذبح واحد، التي سمَّى عليها الله طيبة- حلال- طاهرة، والثانية خبيثة حرام نجسة، كله بسبب ذكر الله (عز وجل)، إذا سمَّى الإنسان على الأكل بارك الله فيه، وإذا لم يُسم شاركه الشيطان ونُزعت منه البركة، وهلُمَّ جرًّا. تجد البركة في كل ما يتعلق بالله (عز وجل) ينبني على هذه الفائدة: ألا تطلب البركة إلا من الله (عز وجل).
ومن فوائد هذا الحديث: تنزه الله- تبارك وتعالى- عن كل ما لا يليق بجلاله لقوله:"تعاليت" يستدل بها أيضًا على علوه تعالى المكاني، وأنه تعالى فوق كل شيء.
ومن فوائد هذا الحديث: أن النبي- صلى الله عليه وسلم- وهو المعصوم- يسأل الله المغفرة، ويتفرع منها: أن سؤالنا نحن للمغفرة أشد إلحاحًا؛ لأن الواحد منا لا يدري هل غُفرت له الذنوب أو لم تُغفر، فهو يأتي بالأسباب الموجبة للمغفرة، لكن لا يعلم هل تحصل المغفرة أو لا؛ لأنه قد يكون السبب الذي عُلقت عليه المغفرة في حقه ناقصًا لا يقوى على أن يكون سببًا لمحو الذنوب ومغفرتها.
ومن فوائد هذا الحديث: افتقار النبي- صلى الله عليه وسلم- إلى مغفرة الله لقوله:"أستغفرك".
ومن فوائد الحديث: أن النبي- صلى الله عليه وسلم- مفتقر إلى التوبة إلى الله (عز وجل) ومَن دونه من باب أولى. انتهى الكلام على هذا الحديث، ونسأل الله تعالى أن يجعلنا من المتأسين به.
٢٦٠ - وعن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إذا كبر للصلاة سكت هنيهةً قبل أن يقرأ، فسألته، فقال:"أقول: اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد". متفق عليه.
قوله:"إذا كَبَّر للصلاة" أي: إذا قال: الله أكبر، والمراد بذلك: تكبيرة الإحرام، "سكت هُنَيْهَةٌ" أي: سكت سكوتًا قليلًا، فـ "هنيهة" وصف لموصوف محذوف، والتقدير: سكوتًا هنيهة؛ أي: قليلًا "قبل أن يقرأ فسألته". هنا اختصر المؤلف الحديث، وليته لم يصل إلى هذا القدر من