والثاني: أنه قد يكون من أسباب مغفرة ذنوبه ما تقدم منها وما تأخر: أدعيته التي يكررها دائمًا- عليه الصلاة والسلام-، كما أننا الآن أخبرنا الله- عز وجل- أنه يصلي هو ملائكته على النبي- صلى الله عليه وسلم- ومع ذلك أمرنا أن نصلي عليه، لكن مع الفرق بين هذا والذي قبل: أن صلاتنا على النبي- صلى الله عليه وسلم- منفعتها لنا أكثر، فهو من مصلحتنا ومنفعتنا من صلى عليه مرة واحدة صلى الله عليه بها عشرًا.
ومن فوائد هذا الحديث: أن الأشياء تداوى بضدها لقوله: "بالماء والثلج والبرد" وآثار الذنوب العقوبة بالنار وهي حارة فناسب أن يكون الغَسل بالماء والثلج والبرد، وهذا هو الموافق للفطرة والطبيعة أن الأدواء تعالج بأضدادها، ولهذا قال النبي- صلى الله عليه وسلم- "الحمى من قيح جهنم فأبردوها بالماء". الحمى: حمى البدن سخونة قال: "أبردوها بالماء البارد"، والماء البارد يزيلها وهذا مجرب، مع أن المريض لاشك أنه يتعب جدًّا ويتأذى به لكن يصبر؛ لأن الحمى إذا مس الإنساء ماء ساخنًا تأذى به، لكن يُقال: هذا دواء، فكما أن تشرب دواءً مرًّا وتصبر على مرارته أو دواء كريه الرائحة وتصبر، فاصبر على برودة هذا فإنه شفاء، يوجد بعض الناس بجعل المريض أمام المكيف من أجل أن يبرد، ولكن هذا قد يكون له سلبيات، إنما لو أتيت بخرقة نظيفة ووضعتها على وجه المريض أو كمادات لنفع بذلك نفعًا عظيمًا، قصدي من هذا المثال أن الأدواء تُقابل بضدها.
٢٦١ - وعن عمر- رضي الله عنه- أنه كان يقول:"سبحانك اللهم وبحمدك، تبارك اسمك، وتعالى جدك ولا إله غيرك". رواه مسلم بسند منقطع، ورواه الدارقطني موصولًا وموقوفًا.
"موصولًا وموقوفًا" يعني: عن عمر: هذا الاستفتاح كان عمر يجهر به يُعلمه الناس كما جهر ابن عباس- رضي الله عنه- في قراءة الجنازة وقال: ليعلموا أنها سُنة، فكان عمر- رضي الله عنه- يقرأ هذا الاستفتاح ويجهر به؛ لأنه ثناء على الله- عز وجل- ثناء محض، لكن الثناء على الله متضمن للدعاء في الواقع؛ لأن المُثنى على الله ماذا يريد؟ يريد الثواب، فهو متضمن للدعاء.
قوله:"سبحانك اللهم" تنزيه الله تعالى عن كل ما لا يليق به من أوصاف العيوب أو مماثلة المخلوقين، والله- عز وجل- منزه عن أمور ثلاثة:
الأول: عن كل صفة نقص كالعمى والصمم والخرس وما أشبه ذلك، هذا وكل صفة نقص فالله تعالى مُنزه عنها.