مبنية على الرحمة لا على التأسف والخطأ والخطل والزلل بل على الرحمة، "الرحمن" باعتبار الوصف، و"الرحيم" باعتبار الفعل.
"الرحمن" باعتبار قيام الرحمة به، وأنها رحمة واسعة، ولهذا جاء على هذا الوجه "رحمن" على وزن فَعْلان، وهذا الوزن في اللغة العربية يدل على الامتلاء والسعة كما يقال: غضبان أي: ممتلئ غضبًا، سكران ممتلئ سكرًا، وما أشبه ذلك.
"الرحيم" باعتبار الفعل بمعنى: راحم، وقد فسر بعض أهل العلم "الرحمن": ذو الرحمة العامة، و"الرحيم": ذو الرحمة الخاصة بالمؤمنين، لقوله تعالى:{وكان بالمؤمنين رحيمًا}[الأحزاب: ٤٣]. {مالك يوم الدين} وفي قراءة: {ملك} والقراءتان كل واحدة تحمل معنًى؛ فـ "مالك" من المُلك وهو التصرف، و "مَلِك" من الملكوت وهو السلطان، فإذا جمعت القراءتين نتج من ذلك أن الله تعالى مَلِك مالك، في المخلوقات ملك لكن ليس بمالك. الملك غير المالك بالمعنى العام هو الذي ليس له سلطة في مملكته، السلطة لغيره والتدبير لغيره، لكن يُسمى مَلِكًا بالوراثة هذا مَلِك لكن غير مالك، يوجد الآن في بريطانيا التي تُسمى العظمة ملكةٌ مالكة أم غير مالكة؟ غير مالكة، وزوجها الذي يسمى ملك غير مالك، ويوجد مالك غير ملك كل واحد منكم معه كتاب هو مالك له ولكنه ليس مَلِكًا.
و"يوم الدين" هو يوم الجزاء؛ لأن الدين تارة يُطلق على العمل، وتارة يُطلق على الجزاء، قال الله- تبارك وتعالى-: {لكم دينكم ولي دين}[الكافرون: ٦]. هذا دين العمل، وقال الله تعالى:{وما أدراك ما يوم الدين * ثم ما أدراك ما يوم الدين * يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله}[الانفطار: ١٧ - ١٩]. وهذا يبين الجزاء، ومن الأمثال السائرة:"كما تدين تدان" أي: كما تعمل تُجازى.
فـ "مالك يوم الدين" أي: مالك يوم القيامة، وخص ملكه بهذا اليوم؛ لأنه في هذا اليوم تتلاشى جميع الملكوتات لا مَلِك، لا أحد في هذا اليوم، يستوي الملك ويستوي أدنى واحد من رعيته، بل من كان أكرم عند الله فهو أعلى وأكبر، يقول الله- عز وجل- في ذلك اليوم:{لمن الملك اليوم لله الواحد القهار}[الانفطار: ١٦]. يجيب نفسه؛ لأنه لا ملك لأحد في ذلك اليوم، الملك كله لله- عز وجل-، وإلا فمن المعلوم أن الله مالك يوم الدين ومالك الدنيا أيضًا كما قال- عز وجل-: {قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه}[المؤمنون: ٨٨].
{إياك نعبد وإياك نستعين} إياك نعبد؛ أي: لا نعبد إلا إياك، ووجه كونها بهذا المعنى: أنه قُدم المعمول وهو "إياك" وتقديم المعمول على عامله يدل على الحصر، بل القاعدة أعم من هذا وهي "تقديم ما حقه التأخير يفيد الحصر"، والعبادة هي التذلل لله- عز وجل- مع المحبة والتعظيم، مأخوذ من قولهم: طريق مُعَبَّد أي: مذلل للسالكين، ونحن نقول بدله: طريق