السلام ما معناه؟ معناه: الدعاء له بالسلامة من كل مؤذٍ.
إذا قال قائل: أليس النبي صلى الله عليه وسلم سالمًا من كل مؤذ؟
فالجواب: بلى، لكن قد يأتيه الأذى، ولهذا كان دعاء الرسل يوم القيامة عند الصراط:"اللهم سلم سلم"، فهو معرض للأذى. هذه واحدة.
ثانيًا: السلامة من الأذى أو العدوان، عليه لئلا يعتدي أحدٌ على قبره، وقد وقع هذا: حاول اثنان من الملاحدة أن يتوصلوا إلى جسد النبي صلى الله عليه وسلم ليأخذاه ذكروا أن بعض الخلفاء رأى في المنام وهو في بلد الخلافة، أن شخصين يحفران خندقًا ليتوصلا به إلى الجسد الشريف، تكررت الرؤيا عليه، ففزع من هذا فزعًا عظيمًا، وارتحل بنفسه من بلد الخلافة إلى المدينة، ثم قال: ادع لي كل من كان في المسجد، أو كل من كان في المدينة، فدعاهم أي: دعوا الناس إليه، فنظر في وجوههم فلم يجد الرجلين اللذين وصفا له في المنام، فقال: ادع أهل المدينة قالوا: لا يوجد أحد إلا رجلان غريبان في المسجد فقال: عليّ بهما، فلما جاءا وجد الوصف الذي رأى في المنام ينطبق عليهما، فأمسك بهما، وحقق معهما، وإذا هما يحفران خندقًا من محلٍ بعيدٍ في الليل، ويسكنان في النهار في المسجد، ثم أمر أن تحفر الأرض التي حول القبر إلى الجبل الحصي وتصب رصاصًا لا يقدر عليه أحد، وهذا من حماية الله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم.
"السلام عليك أيها النبي" قلنا: إنه السلامة من الأذى، هل يمكن أن يكون هناك أذى معنوي؟ قلنا: نعم، العدوان على شريعته لا شك أنه من الأذى، فحينئذٍ يكون "السلام عليك أيها النبي"، نسأل الله تعالى أن يسلم هذه الشريعة التي هي شريعة محمد صلى الله عليه وسلم من كل ما يؤذيها، ولهذا قال بعض أهل العلم في قوله تعالى:{إن شانئك هو الأبتر}[الكوثر: ٣]. قالوا: وكذلك شانئ سنته هو الأبتر، فصارت السلامة عامة في كل شيء.
"ورحمة الله" الرحمة صفة وجودية، والسلام صفة عدمية، فيدعو له أولًا بانتفاء الأذى عنه، ثم بحصول الرحمة له، فيكون إيجادًا بعد إعدام، ورحمة الله عز وجل للنبي صلى الله عليه وسلم ثابتة، ولكننا نقول هذا تأكيدًا كما أمرنا الله أن نصلي عليه مع أنه قال:{إن الله وملائكته يصلون على النبي}[الأحزاب: ٥٦]. لكن هذا من باب التأكيد من وجه، ومن باب مصلحتنا من وجهٍ آخر، لأننا إذا صلينا عليه امتثالًا لأمر الله أثبنا على هذا، وقضينا بعض حقوقه صلى الله عليه وسلم، وحصلنا على خيرٍ كثيرٍ بالصلاة عليه، إذا صلينا عليه واحدة صلى الله علينا بها عشرًا- صلوات الله وسلامه عليه-.
"ورحمة الله وبركاته" البركات زيادة الخيرات وثبوت الخيرات؛ لأنها مأخوذة من البركة وهي: مجمع الماء، وعادةً يكون كثيرًا ثابتًا.