للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته} ما المراد برحمته؟ المطر وما ترتب عليه من النبات، في سنةٍ من السنوات أتانا المطر وتدارك علينا ليلًا ونهارًا، وتهدمت كثير من البيوت هنا، حتى كان المطر في المساجد ينزل من السطح إلى الطابق الأرضي وتضرر الناس ورفع الله عنهم الضرر وأصبح بعض العوام يقول في قوله تعالى: {وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته}: إن رحمة الله هي الشمس، لماذا؟ لأنه حصل لها رفع الأذى والضرر.

ومن فوائد هذا الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم مفتقر إلى بركة الله عز وجل، هذا وهو النبي، فكيف بنا نحن؟ نحن أشد فقرًا إلى بركة الله عز وجل من النبي صلى الله عليه وسلم بركة في العمل، بركة في العلم، بركة في الجاه، بركة في الأموال، بركة في الأولاد، كل هذا نحتاج إليه، أحيانًا يضيع الوقت على الإنسان يومًا كاملًا ما استفاد شيء فانتبه لهذا! إذا عرفت أنك لا تنتج أو لا تعمل كثيرًا فاحذر احذر احذر، لأن الله قال: {ولا تطع من أغفلنا قبله عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا} [الكهف: ٢٨]. ضائع.

من فوائد هذا الحديث: الرد على الذي يعتلقون بالرسول- عليه الصلاة والسلام- يطلبون منه كشف الضر وجلب النفع، وجه ذلك أن نقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم عبد ومحتاج إلى الرحمة وإلى البركة.

ومنها: المنحة من الله عز وجل أن يبارك في عمله وعمره وجميع أحواله.

ومنها: ما سبق في آداب الكل والشرب من صحيح مسلمٍ من لعق الأصابع، والاجتماع على الطعام، وأن يأكل من أعلاه.

ومنها: أن الإنسان إذا بورك له في شيءٍ فليلزمه، لا يبقى كل ساعةٍ له رأي، فمثلًا إذا شرع يحفظ "عمدة الأحكام" فليستمر، لا يقول: إذا أخذ ما أخذ أعدل إلى كتابٍ آخر، ومن ذلك أيضًا: أن يراجع المسألة ويتبع الفهرس يطلب مكان هذه المسألة، بعض الناس يتتبع الفهرس إذا رأى عنوانًا يعجبه أخذه ثم ترك الذي من أجله كان يطالع الفهرس، وهذا غلط، هذا يضيع عليه الوقت، ما دمت أنك تريد مسالةً معينةً لا تعدل إلى غيرها، إذا أعجبك بحث في هذا الفهرس ضع عليه علامةً وإذا انتهيت من المسألة ارجع إليه، هذا إذا أردت البركة في العلم وفي الوقت، وأما إذا كنت كلما صار أمام عينيك عنوان أعجبك تترك المسألة التي من أجلها تراجع الفهرس فيضيع عليك الوقت فهذه من البركة، المهم: أن أسباب البركة كثيرة.

مسألة: ودعاء الإنسان ربه عز وجل بالبركة ليس معناه: أن يمسك عن فعل الأسباب، يعني: إذا دعوت الله بشيءٍ فلابد أن تفعل أسبابه، وإلا كان تركك الأسباب طعنًا في حكمة الله عز وجل، إنسان يقول: "اللهم ارزقني ذريةً صالحة"، نقول: تزوج يا رجل. قال: هذا بيد الله من أين تأتي الذرية؟ من الزواج، وليست الذرية تنبت من السطح، بل لابد من الزواج أولًا؛ يقول: "اللهم ارزقني رزقًا واسعًا" وجلس نام على فراشه، وقال: الله يرزق الحيات في جحورها. نقول: هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>