للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غلط، قال الله عز وجل: {هو الذي جعل لكم الأرض ذلولًا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه} [الملك: ١٥]. وقال عز وجل: {فإذا قضيت الصلاة- يعني الجمعة- فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرًا} [الحجرات: ١٠]. فإذا كنت تريد البركة، أو أي شيءٍ تريده فافعل الأسباب، وإلا كنت طاعنًا في حكمة الله عز وجل من حيث لا تشعر.

"السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين"، نقول في السلام: ما قلنا في السلام على الرسول، بمعنى: أن يسلمنا الله من كل الآفات العقلية والفكرية والجهل وغير ذلك، وفي هذا الترتيب مناسبة عظيمة: أول ما في هذا التشهد هو الثناء على الله عز وجل الذي حقه هو أحق الحقوق، ثم بعد ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم، لأن حقه أعظم من حقوق الأنفس والأولاد والآباء، ثم حق الإنسان.

"السلام علينا" تبدأ بنفسك، "وعلى عباد الله الصالحين": الرابع: حق العموم، وأظن أننا نسينا أن نقول: "علينا" على من؟ قيل: على الأمة الإسلامية لأنها كواحد، وقيل: إن قوله "علينا" يعني: "من حولنا إذا كان يصلي في بيته، فالمراد: نفسه وأهل بيته إذا كان في جماعة، فالمراد: هو والجماعة.

ومن فوائد هذا الحديث: أن الإنسان إذا دعا فليبدأ بنفسه، الدليل: "السلام علينا"، فبدأ بنفسه.

ومن فوائد هذا الحديث: فضيلة الصلاح: "اللهم اجعلنا من الصالحين"، كل صالحٍ يدعو له المسلمون في كل صلاة وهو لا يدري، فإذا أوصاك واحد بالدعاء مثلًا تقول: الحمد لله أنا أدعو لك في كل صلاةٍ إن كنت صالحًا، لأن الحديث يقول: "على عباد الله الصالحين".

ومن فوائد هذا الحديث: أن من عباد الله من ليس بصالح، لأنه قيد العباد بالصالحين فقال: "عباد الله الصالحين". فمن هو من عباد الله وهو ليس بصالح؟ هو من كان عبدًا لله بالعبودية الكونية القدرية لا الشرعية، كل الخلق عبيد لله عز وجل، قال تعالى: {إن كل من في السموات والأرض إلا آتي الرحمن عبدًا} [مريم: ٩٣]. لكن العبد الصالح هو الذي أريد بهذا الحديث.

ومن فوائد هذا الحديث: أن اللفظ العام يشمل جميع أفراده، دليل ذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا فعلتم ذلك فقد سلمتم على كل عبدٍ صالحٍ في السماء والأرض"، مع أن الإنسان حين يدعو بهذا قد لا يستحضر العموم، لكن نقول: اللفظ موضوع للعموم، فنأخذ من ذلك أن العموم يشمل جميع الأفراد، ولهذا قال الفقهاء: لو قال الإنسان: "بيوتي وقف" يثبت الوقف لكل البيوت؟ نعم. لأنه لفظ عام، ولكن اللفظ العام يجوز للمتكلم له أن يريد بض الأفراد، مثل قول الله تعالى: {الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم} [آل عمران: ١٧٣]. من القائل؟ واحد، فالمراد بالناس هنا: الجنس لا العموم، {إن الناس قد جمعوا لكم} من الناس؟ أبو

<<  <  ج: ص:  >  >>