النبي صلى الله عليه وسلم مر بقبرين فقال:"إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير". يعني: ما يعذبان في أمرٍ شاقٍ عليهما، ولذلك جاء في روايةٍ في الصحيح:"بلى إنه كبير"، فهما يعذبان في أمرٍ كبير، أي: في أمرٍ عظيم شاق عليهما تركه، ولكنه كبير بهذه الذنوب، "أما أحدهما فكان لا يستبرئ من البول" يعني: لا يبالي إذا أصاب البول ثوبه أو بدنه ولا يهتم بذلك حتى يتطهر، "وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة" ينم بين الناس فيفسد بين الناس- العياذ بالله-، ولذلك قال النبي- عليه الصلاة والسلام-: "لا يدخل الجنة نمام".
استنبط بعض العلماء من حديث ابن عباسٍ مسألةً مهمةً فقال: إذا كان الإنسان يعذب في قبره، لأنه لا يستنزه من البول الذي يشترط لصحة الصلاة الاستنزاه منه، فما بالك بالذي يترك الصلاة، لأن هذا الذي أخل بالاستنزاه من البول ترك شرطًا من شروط الصلاة فقط، فكيف بالذي يدع الصلاة بالكلية؟ ! فأنا لا أشك في أن الذي يدع الصلاة بالكلية كافر، بل هو أكفر من اليهود والنصارى، بمعنى انه: لو كان في بيتٍ من بيوتنا يهود ونصارى ما رضينا بذلك، لكن الذين لا يصلون لا مع الجماعة ولا في بيوتهم يكون أكفر من اليهود والنصارى، لأنهم مرتدون، لا تحل ذبائحهم، ولا تحل لنا نساؤهم، ولا يدفنون مع المسلمين، ولا يغسلون، ولا يدخلون مكة وحرمها، لأنهم مرتدون لا يجوز أن يبقوا لحظةً في الدنايا إلا بعدما يستتابون ثلاثة أيامٍ على القول بالاستتابة ثم إذا لم يصلوا يقتلون، ولا يقتلون حدًا، لأن الحد يطهر المحدود، ويوجب أن يكون المحدود مسلمًا يدفن مع المسلمين ويصلى عليه، لكنهم يقتلون كفرًا، فيخرج بهم إلى أماكن يرمثون فيها رمثًا؛ لأنهم ليس لهم حرمة، إذا حشروا يوم القيامة يحشرون مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف، فأنا لا أشك في أن من ترك الصلاة تركًا مطلقًا أنه كافر خارج عن الإسلام- والعياذ بالله- والأدلة عندنا في ذلك من الكتاب والسنة وأقوال السلف ظاهرة، وقد سقناها عدة مرات، حتى إن عبد الله بن شقيق- وهو من التابعين- كان يقول:"كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئًا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة". وهذا نقل للإجماع، وقد نقل غيره من علماء المسلمين أيضًا الإجماع على أن الصحابة مجمعون على كفر تارك الصلاة.
ولهذا أنا أعجب من بعض الناس الذين يستنكرون هذا القول، ويقولون: أن الإمام أحمد