انفرد به، والحقيقة: أن استنكارهم إياه لعدم التأمل الجيد في الأدلة، ولو تأملوا الأدلة تأملًا جيدًا لوجدوا أن الأدلة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأقوال الصحابة والنظر الصحيح كلها متطابقة على أن تارك الصلاة كافرًا كفرًا مخرجًا عن الملة، وأما انفراد الإمام أحمد رحمه الله بذلك فيعتبر من مناقبه، ومن دلالة فهمه لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأقول الصحابة، وتعظيمه للآثار الواردة، فنحن لا نقدح في أحدٍ من أهل العلم الذي يقولون بخلاف ذلك؛ لأن هذه مسألة اجتهادية، ولكننا نعيب على من عاب على من يقول ذلك كأنه يلزم أو يشير بكلامه إلى الإمام أحمد رحمه الله لانفراده بذلك.
ولكنه لا شك أن من تأمل الكتاب والسنة وأقوال السلف والمعاني الصحيحة خاليًا من الاعتقاد والتمذهب لا شك أنه يتبين له، أن القول الراجح المتعين به هو القول بكفر تارك الصلاة كفرًا مطلقًا مخرجًا عن الملة- والعياذ بالله- ومما ينبغي لكل مستدلٍ أن يستدل قبل أن يعتقد حتى يكون اعتقاده مبنيًا على استدلالٍ سواءً كان هذا الاعتقاد في الأمور العلمية أو في الأمور الحكمية يعني: حتى الحكم لا تحكم على شيءٍ إلا بعد أن تبنيه على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، أما إذا اعتقدت ثم أردت أن تبني الأدلة على الاعتقاد فهذا خطر عظيم، ولذلك تجد بعض الناس يتعصب للذي يعتقد ثم يريد أن يستدل، تجده أحيانًا يحاول أن يرد الأدلة إلى ما كان يعتقد إما بتأويلٍ أو بتعميمٍ أو بتخصيصٍ حسب ما بكون موافقًا لما يذهب إليه، وهذه مسألة خطيرة جدًا بالنسبة لطالب العلم، والذي أدعوكم جميعًا إليه هوأان يكون اعتقادكم المبني سواء كان هذا الاعتقاد مبنيًا على أمورٍ علميةٍ كالاعتقاد في أسماء الله وصفاته وأخباره، أو على أمورٍ حكمية أن يكون ذبك مبنيًا على الدليل بأن تستدل أولًا ثم تحكم ثانيًا بقدر المستطاع، قد لا يستطيع الإنسان أن يصل إلى الحق بالدليل، إما لأنه ليس عنده الأدلة الكافية للاستدلال؛ أنه ما عنده علم، وإما أن المسألة تأتيه في حالةٍ لا يتمكن من البحث والاستدلال والمناقشة، فيكون في هذه الحال مضطرًا إلى التقليد، ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:"إن التقليد بمنزلة أكل الميتة". إذا لم تجد طعامًا فكله لا يحل إلى للضرورة، لأن الله يقول:{فاسألوا أهل الذكر} بشرطٍ وهو {إن كنتم لا تعلمون}، أما من أمكنه أن يعلم فإنه لا يجوز له أن يقلد، لكن كما قلت لكم قد لا يستطيع الإنسان ولا يتمكن له أن يصل إلى الدليل، إما لكون