أن اسم الله الأعظم هو الحي القيوم، وقد ذكر هذان الاسمان في كتاب الله في ثلاثة مواضع: في سورة البقرة في آية الكرسي، وفي سورة آل عمران:{الله لا إله إلا هو الحي القيوم* نزل عليك الكتاب بالحق}[آل عمران: ٢ - ٣]. والموضع الثالث: في سورة طه في قوله: {وعنت الوجوه للحي القيوم وقد خاب من حمل ظلمًا}[طه: ١١١]. فهما منتظمان لجميع الأسماء الحسنى، "فالحي" معناه: ذو الحياة الكاملة التي لم تسبق بعدمٍ ولا يلحقها فناء، حياة غير الله عز وجل ناقصة، مسبوقة بعدمٍ وملحوقة بفناء، أما حياة الرب عز وجل فإنها لم تسبق بعدمٍ ولا يلحقها فناء، حياة غير الله عز وجل ناقصة، مسبوقة بعدمٍ وملحوقة بفناء، أما حياة الرب عز وجل فإنها لم تسبق بعدمٍ ولا يلحقها فناء، ثم هي حياة كاملة، كل صفات الكمال تضمها هذه الحياة، بخلاف حياة غيره فهي ناقصة.
"القيوم" يقول علماء النحو: إنها صيغة مبالغة على وزن "فيعول"، إذن معناه: أن هناك شيئًا كثيرًا من القيومية فمعنى القيوم: القائم بنفسه القائم بنفسه على غيره كما قال الله تعالى: {أفمن هو قائم على كل نفسٍ بما كسبت}[الرعد: ٣٣]. أي: أيكون هذا كمن لا يقوم بذلك، من القائم على كل نفسٍ بما كسبت؟ الله عز وجل {ما من دابةٍ إلا هو آخذ بناصيتها}[هود: ٥٦]، فهو القائم على غيره، {ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره}[الروم: ٢٥]. كل شيءٍ قائم بالله عز وجل وهو القائم بنفسه.
{لا تأخذه سنة ولا نوم} السنة: هي النعاس، يعني مقدمة النوم، والنوم هو: الاستغراق في الراحة؛ أي: فترة راحة للبدن والعقل، تغيب خلالها الإرادة والوعي جزئيًا أو كليًا، وتتوقف فيها الوظائف البدنية جزئيًا، فالرب عز وجل لا تأخذه السنة ولا النوم، لماذا؟ لكمال حياته وقيوميته، لكمال حياته لا يحتاج إلى النوم، نحن نحتاج إلى النوم؛ لأن حياتنا ناقصة نحتاج إلى نومٍ نستريح به من تعبٍ سابق، نستجد به النشاط لعملٍ مستقبل، أما الرب عز وجل فإنه لا يحتاج إلى ذلك لكمال حياته، {لا تأخذه سنة ولا نوم} كذلك لكمال قيوميته، هو القائم على عباده، لو أنه عز وجل جاز عليه النوم أو النعاس أين يكون تدبير العباد في ذلك اليوم؟ ولمن؟ لا يمكن، فهو عز وجل لكمال قيوميته لا يمكن أن تأخذه سنة ولا نوم، بل هو ممتنع غاية الامتناع أن يكون- سبحانه وتعالى- ينام أو تأخذه السنة، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم:"إن الله لا ينام، ولا ينبغي له أن ينام"، وكلمة" "لا ينبغي" في القرآن والسنة معناها: الشيء الممتنع غاية الامتناع، "يرفع القسط ويخفضه"، سبحانه وتعالى، والذي يكون بيده رفع القسط وخفضه لابد أن يكون دائمًا لا تأخذه سنة ولا نوم.