للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في بلاد الإسلام كشرب الخمر مثلا وما أشبه ذلك، نمنعهم من ذلك؛ لأن ذلك محرم عندنا ولا يجوز لهم إلا أن يخضعوا لأحكام الإسلام حتى يكون الإسلام هو الأعلى.

ومن فوائد هذا الحديث: أن الإنسان لا ينبغي له أن ييأس على ما فاته من أمر الدنيا من التنعم فيها، لماذا؟ لأن المؤمن له الآخرة، وقد قال الله تعالى: {والآخرة خير وأبقى} [الأعلى: ١٧].

وهذا عام، وقال لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: {وللآخرة خير لك من الأولى} [الضحى: ٤]

ومن فوائد هذا الحديث أيضا: إثبات الآخرة وما فيها من النعيم لقوله: "ولكم في الآخرة".

ومن فوائد الحديث: أنه ينبغي أن يسلى الإنسان بما فاته من نعيم الدنيا، وجه ذلك: أن الرسول - عليه الصلاة والسلام- لما نهى عن الشرب والأكل في أواني الذهب والفضة سلى المؤمنين؛ يعني: ذكر لهم ما يتسلون به وهو أنها لنا في الآخرة والعاقبة ليست ببعيدة.

ومن فوائد هذا الحديث: إذا نظرنا إلى سبب سياق حذيفة له أنه ينبغي للإنسان إن لم يقل يجب على الإنسان أن يدفع عن نفسه ما يخاف منه التهمة، من أين أخذت؟ من قوله: "ألا إني أخبركم أني قد نهيته"، لئلا يتهم حذيفة رضي الله عنه ولهذا أصل في السنة، وهو ما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "رحم الله امرأ كف الغيبة عن نفسه"، وله أصل من فعل الرسول، حيث كان يتسامر مع زوجه صفية بنت حيي، وقد انصرفت منه وهي قد حضرت في البيت وهو معتكف في المسجد فأبصره رجلان من الأنصار، فأسرعا - أسرعا خجلا من النبي - عليه الصلاة والسلام- واستحياء منه-؛ لأن مثل هذا الأمر إذا كان من معظم لدى الإنسان فإنه يخجل، أنت الآن لو تمشي في السوق وتجد شخصا تعظمه وتجله وتكرمه معه امرأته ألا تخجل؟ أنا أخجل، لا أدري أنتم تخجلون أم لا؟ أخجل وأسرع، فالصحابيان أسرعا خجلا لا شك، لكن الرسول - عليه الصلاة والسلام- خاف أن يقذف الشيطان في قلوبهما شرا، فقال: "إنها صفية"، ولهذا تعجبا رضي الله عنها قالا: سبحان الله! فقال: "إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكم شرا". أو قال: "شيئا".

المهم: أنه ينبغي للإنسان أن يدفع التهمة عن نفسه، وهل له أن يحلف على ذلك دون أن يستحلف؟ نعم، له أن يحلف على ذلك دون أن يستحلف إذا كان صاحبه لا يقتنع إلا بمثل ذلك، فلو أن رجلا أحسست أنه يظن أنك قد نممت به إلى أحد من الناس تحس ذلك من نصرفه أو من صفحات وجهه أو ما أشبه ذلك، فقلت له: إن بعض الناس يظن كذا وكذا أنني فعلت ولكن لم أفعل وأقسمت على ذلك، فلا بأس لأن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، ثم قال:

١٤ -

<<  <  ج: ص:  >  >>