أنه (صلى الله عليه وسلم) لا يملك لأحد نفعًا ولا ضرًا، وأنه عبد كغيره من العبيد، وقد أمر الله أن يقول ذلك:{قل إني لا أملك لكم ضرًا ولا رشدً}(الجن: ٢١). بل هو (صلى الله عليه وسلم) لا يملك لنفسه نفعًا ولا ضرًا، كما أمره الله أن يقول ذلك بقوله:{قل لا أملك لنفسي نفعًا ولا ضرًا إلا ما شاء الله}(الأعراف: ١٨٨). وذلك في أكثر من آية، ولهذا لو أراده الله تعالى بسوء هل يملك أن يدفع ذلك؟ {قل إني لن يجبرني من الله أحد ولن أجد من دونه ملتحدًا}(الجن: ٢٢). هذا خاص بالرسول (صلى الله عليه وسلم)، وأما العموم فقد قال الله تعالى:{وإذا أراد الله بقومٍ سوءًا فلا مرد له}(الرعد: ١١) إذن لا يمكن أن يكون له (صلى الله عليه وسلم) شيء من خصائص الربوبية بل هو بشر.
ويستفاد من هذا الحديث: جواز النسيان على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لقوله: "أنسى كما تنسون"، ولابد أن يبلغه إلا شيئًا نسخ، فإن ما نسخ ربما ينساه النبي (صلى الله عليه وسلم)، أما شيء باق فلا يمكن أن ينساه؛ لأننا جوزنا ذلك لجوزنا أن يكون شيء من الشريعة منسيًا وهذا ممتنع غاية الامتناع؛ لقوله تعالى:{إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون}(الحجر: ٩).
ويستفاد من هذا الحديث: أنه يجب على المأمومين أن ينبهوا الإمام إذا أخطأ؛ لقوله:"فإذا نسيت فذكروني" والأصل في الأمر الوجوب، والمأموم صلاته مرتبطة بإمامه، فإذا لم يذكر صار الخلل في صلاة الإمام وفي صلاته أيضًا؛ ولهذا يجب على المأمومين إذا أخطأ الإمام أن ينبهوه، هذا فيما إذا كان الخطأ مفسدًا للصلاة فإنه يجب، أما إذا كان الخطأ لا يفسد الصلاة فإنه لا يجب لكن يستحب، كما لو أنه أخطأ في قراءة الفاتحة فقال:"أهدانا الصراط المستقيم"، فهنا يجب عليهم أن يردوه؟ نعم يجب لأن هذا الخطأ يفسد الصلاة؛ لن "أهدنا" غير معنى "آهدنا"، "آهدنا" من الهداية، و "أهدنا" من الهدية، يعني أعطنا هدية، ولو قال:"الحمد لله رب العالمين" لم يجب لكن الأفضل أن يردوا عليه؛ لن هذا اللحن لا يفسد الصلاة، ولو نسي أن يجهر في قراءة جهرية يسن أن ينبهوه، ولو سجد ونسي الركوع وجب عليهم أن ينبهوه.
وعلى هذا فيكون قوله:(صلى الله عليه وسلم): "إذا نسيت فذكروني"، يجمل الوجوب على ما إذا كان هذا المنسي مفسدًا للصلاة، وإلا فإنه يستحب، وهل يجب على غير المأمومين أن ينبهوه إذا أخطأ، مثل: لو فرضنا أن واحدًا كان يقرأ ويجنبه إنسان يصلي ورآه سجد مرة واحدة وقام هل يجب عليه أن ينبهه؟ الأفضل أن ينبهه، وإن كان بعض أهل العلم قال: لا يجب ذلك إلا على المأمومين؛ ن الإنسان غير ملتزم بأصل عبادة غيره والذي يترجح أنه يجب على المأمومين وغيرهم، فإذا رأى أحدهم أحدًا أخطأ خطأ يفسد العبادة وجب عليه أن ينبهه؛ لأن هذا داخل في عموم قوله تعالى:{وتعاونوا على البر والتقوى}(المائدة: ٢)؛ ولأن هذا يشبه من أراد أن يستعمل