واستعار من أهل الكتاب، ولو كان يرى أثر الماء غسلا فيها، نقول: لا تأكل فيها حتى تغسلها، إذن هذا فيه نوع تضييق على استعمال أواني الكفار، إذا كان عندي أواني لكنها لا تليق بالضيوف الذين نزلوا علي، يعني: أواني قديمة، أواني صغيرة، أواني متكسرة، وعند رجل كافر أواني تليق بي، هل في هذه الحال يجوز أن آخذ أوانيهم على ظاهر الحديث؟ يعني: بما أن الرسول أمر بإكرام الضيف أكون هنا ملجا إلى استعارة الأواني الفخمة من هؤلاء لإكرام الضيف، أو نقول: اتقوا الله ما استطعتم؟
الجواب: اتقوا الله ما استطعتم، وما دام الرسول - عليه الصلاة والسلام- يقول:" لا تأكلوا فيها إلا ألا تجدوا"، فأنا واجد الآن أقدم للضيف وأقول: يا إخواني، اعذروني وسامحوني ليس عندي غير هذه الأواني، الظاهر أنه إذا خلص بمعذرة عن الضيف بمثل هذا فإنه يعتبر واجد غيرها، أما إذا لم يمكن فلكل مقام مقال.
ومن فوائد هذا الحديث: أننا إذا رأينا ما عليه الناس اليوم من مخالطة الكفار، والأكل في أوانيهم، وإعطاء الأواني لهم، وجلب المودة منهم؛ نأسف أسفا كثيرا، ولهذا نجد هؤلاء الذين يخالطون هذه المخالطة التامة ربما يحبون الواحد منهم أكثر مما يحبون المسلم وهذه خطيرة جدا، ولذلك يجب أن نباينهم وأن نبتعد عنهم، وأن نعطيهم حقهم الذي لهم إذا كانوا جيرانا لنا نعطيهم حق الجيرة، قرابة تعطيهم حق القرابة، إذا كانوا محتاجين نساعدهم، إذا كانوا لا يقاتلوننا في الدين ولا يخرجوننا من بيوتنا.
مناسبة الحديث لباب الآنية: أن آنية الكفار وإن كان الأصل فيها أنها حلال، لكن لما كانت لهم صارت حراما إلا إذا لم نجد غيرها، فإننا نغسلها ونأكل فيها، فما رأيكم فيما لو كانوا يؤخرون الأواني، يعني: ليست عارية حتى لا يكون لهم منة علينا لكن يؤجرونها؛ إنسان مثلا صاحب متجر كبير من جاءه يستأجر منه أعطاه، هل يدخل في الحديث، أو نقول في هذا الحديث لا نأخذ وكفى طردا عن مخالطته، والأجرة التي يأخذها؟ في هذا توقف عندي؛ لأنك إذا نظرت إلى أنه يؤجر عليك، وأن الأجرة التي سيستلمها قد تكون مانعا من استعمال أوانيهم، نقول هنا: لا بأس أن تستأجر منهم، إذا قال قائل: لو أعاروك سيارة ليست أواني هل نقول لا تقبل إلا إذا لم تجد غيرها؟ الظاهر: لا؛ إذا علمنا أنهم سيمنون علينا، أو يستذلوننا بذلك، فلا يجوز أن تقبل إذا كنا نعرف أنهم سيمنون علينا أو يستذلوننا بذلك؛ لأننا نحن أعزاء بديننا فلا نقبل الدنية ونحن - والحمد لله- قادرون على ألا يلحقنا منهم منة.