للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن فوائد الحديث: تيسيرًا أحكام الشريعة والحمد لله، والشريعة كلها يسر، ثم إن طرأ ما يوجب تيسير هذا الميسر يسر أيضًا، فأصل الشريعة يسر كما قال الرسول- عليه الصلاة والسلام-: "إن الدين يسر"، وإذا طرأ تيسير ما يوجب هذا اليسر يسر أيضًا، وهذا من نعمة الله علينا.

مسألة: عدم سقوط الصلاة عن المريض:

ومن فوائد الحديث: أن الصلاة لا تسقط عن [المريض] فيصليها على أي حال كان، ولكن إذا عجز عن هذه المراتب الثلاث هل تسقط؟ قيل: إنها تسقط؛ لأن الرسول- عليه الصلاة والسلام- ما جعل إلا ثلاث مراتب فقط، فإذا عجز عن الصلاة على الجنب فإنه تسقط عنه الصلاة، وقال بعض العلماء: لا تسقط، الرسول قال: "صلِّ على جنب"، ولم يبين كيف يصلي، فمعنى ذلك: أن يُصلي على حسب حاله، يصلي برأسه إن أمكن، أو بعينه إن لم يمكن، فإن لم يمكن بالعين فإنه يصلي بالقلب: أنوي القيام، وأنوي الركوع وأنوي الرفع منه، وأنوي السجود وأنوي الرفع منه، وأنوي الجلوس للتشهد وأنطق، فإن لم يمكنه النطق ولا الفعل، هذا رجل لا يمكن لا نطق ولا فعل ماذا يفعل؟ ينوي بقلبه؛ لأن الصلاة نية وعمل، فإذا تعذر العمل وجبت النية، ولا تسقط الصلاة ما دام العقل ثابتًا، والدليل على هذا قوله تعالى: {فاتقوا الله ما استطعتم} [التغابن: ١٦].

وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم"، والآن هذا ما نستطيع فعلينا أن نصلي بالنية، فنقول: إن قدرنا على النطق أو ننوي إذا لم نقدر على النطق، أما أن نقول لإنسان: ليس عليك صلاة وهو عاقل يدري ما يقول، ويدري ما يفعل لكنه عاجر عنه، ونقول: ليس عليك صلاة، ونقطع صلة الإنسان بينه وبين ربه، قد يبقى أيامًا أو شهورًا أو ربما سنين يكون أشل اللسان، وأشل الجوارح، لكنه عاقل ونقول: لا، لا تصلّ هذا في النفس منه شيء، فالصواب: أنها لا تسقط ما دام العقل ثابتًا، فإن لم يستطع أن يصلي على جنبه، مثل رجل أصيب بحروق في جنبه أو بالتهابات أو ما أشبه ذلك يُصلي مستلقيًا ويتوجه للقبلة، فإن لم يستطع الاستلقاء صلى على بطنه، أي شيء يكون فإن لم يستطع على بطنه، أو على أي شيء كيف يصلي؟ يُصلي على أي حال كان عليها، يُقال: إن بعض العامة سمع رجلًا يحدِّث بحديث: "إذا سرق تقطع يده اليمنى، فإن سرق ثانية فليقطع رجله اليسرى، فإن سرق ثالثة فليقطع يده اليسرى، فإن سرق رابعة تقطع رجله اليمنى، فإن سرق فاقتلوه"، قال العامي: كيف

<<  <  ج: ص:  >  >>