للزم تعارض الحديثين؛ لأن الأول يقول:"كان يقرأ بالجمعة والمنافقين"، وهنا بسبح والغاشية.
وقوله:"كان يقرأ في العيدين" هما عيد الفطر وعيد الأضحى، وليس في الإسلام عيد سواهما إلا يوم الجمعة، وقد ذكر "وفي الجمعة" فتبين أن الرسول - عليه الصلاة والسلام - يقرأ هاتين السورتين في الأعياد الثلاثة: عيد الفطر، وعيد الأضحى، وعيد الأسبوع.
وقوله: بـ {سبح اسم ربك الأعلى}" إعرابها: "الباء": حرف جر "سبح اسم ربك الأعلى" كل هذه الجملة في تأويل اسم مفرد مجرور بالباء، وعلامة جره كسرة مقدرة على آخره منع من ظهورها الحكاية كأنه قال: "يقرأ بهذه السورة" فهي إذن في تأويل المفرد، وقوله:{سبح اسم ربك الأعلى}. {سبح} معناها: نزه، وقوله:{اسم ربك الأعلى} اختلف العلماء في قوله: {اسم ربك} فقال بعضهم: إن لفظ "اسم" زائد، لأن الذي يسبح هو الله، فأنت إذا قلت: "سبحان الله" لا تريد أن تسبح اللام والهاء، إنما تريد المسمى بهذا الاسم، وعلى هذا فتكون "اسم" زائدة، والتقدير: "سبح ربك الأعلى"، واستدلوا لقولهم بقوله تعالى:{لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه وتسبحوه}[الفتح: ٩]. وبقوله:{يأيها الذين ءامنوا اذكروا الله ذكرًا كثيرًا وسبحوه بكرةً وأصيلًا}[الأحزاب: ٤١ - ٤٢].
ويقول النبي - عليه الصلاة والسلام -: "سبحانك اللهم ربنا وبحمدك". فالتسبيح إذن لله عز وجل قالوا: فهذا الكتاب والسنة يدلان على أن التسبيح وارد ليس على الاسم، ولكن على المسمى، وعلى هذا فتكون "اسم" زائدة، وقال بعض أهل العلم: إن هذا دليل على أن فالاسم هو المسمى؛ لأنه قال:{سبح اسم ربك} فالمراد به: الله، الاسم هو المسمى، ولكن هذا لا دلالة في الآية عليه؛ لأنه قال:{اسم ربك}، والمضاف في الأصل غير المضاف إليه، كما أن الموصوف غير الصفة فقال:{اسم ربك}، فأنت إذا قلت: "غلام زيد" هل يكون الغلام هو زيدًا؟ لا، وكذلك لو قلت: "عمل زيد" لا يكون العمل هو زيدًا، فالمضاف لا شك أنه غير المضاف إليه، والصحيح أن الاسم للمسمى كما قال شيخ الإسلام، وقال بعض العلماء: بل إن المراد: تسبيح الله عز وجل لاشك فيه، ولكن فائدة ذكر الاسم أن يكون التسبيح باللسان؛ إذ لا يمكن تسبيح الله باللسان إلا بذكر اسمه، أما إذا لم تذكر اسم الله فإن التسبيح يكون بالقلب؛ ولهذا أنت تقول: "سبحان ربي العظيم"، "سبحان الله وبحمده"، "سبحان الله العظيم"، تذكر الاسم، فيكون فائدة ذكر الاسم هنا: الدلالة على أن المراد التسبيح باللسان وهذا لا يمكن إلا بذكر الاسم، ويدل لذلك الآية الأخرى التي أفضحت عن هذا، {فسبح باسم ربك العظيم}. أي: