قال- عليه الصلاة والسلام-: "العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون".
ومن فوائد الحديث: استحباب التسمية بإبراهيم؛ لأن الرسول- عليه الصلاة والسلام- سمي به لأجل أن يكون موافقًا لأسماء الأنبياء.
وفي الحديث أيضًا من الفوائد: أن الناس في عهد الرسول- عليه الصلاة والسلام- عندهم من الصراحة ما يقتضي بيان الأمر على حقيقته حين قالوا:"انكسفت الشمس لموت إبراهيم"، مع أن هذا الأمر في السنة العاشرة من الهجرة، يعني: بعد أن رسخ الإيمان والتوحيد في قلوبهم، ومع ذلك قالوا هذا القول، ولكن لحكمة؛ أي: لأجل أن يبطله النبي- عليه الصلاة والسلام-.
ويستفاد من الحديث: وجوب رد الباطل، وإن أجمع الناس عليه؛ لأن النبي- عليه الصلاة والسلام- رد هذا الباطل وإن كان الناس كلهم يقولون ذلك.
ومن فوائد الحديث: بيان أن الشمس والقمر من آيات الله عز وجل لقوله: "إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله".
ومن فوائده: أن آيات الله تعالى لا تنحصر في الشمس والقمر، لأنه قال:{من آيات الله}، وآيات الله كثيرة، لكن أين المتأمل والمتدبر؟ ولهذا قال الله تعالى:{ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون}[فصلت: ٣٧]. والغريب أن بعض أهل العلم استنبط من هذه الآية مشروعية صلاة الكسوف لا كيفيتها، وجه ذلك: يقولون: لأن العابدين لهما إذا كسفا فإنهم يرغبون عن عبادتها؛ لأنهما تغيروا وفسدا فلا يصحان إلها، وبعضهم عكس قال:"إنهما إذا كسفتا" فهو دليل على غضبهما على العابدين لهما، وحينئذ لا يسجدون لهما، فقال الله: لا تسجدوا لهما حين يسجد لهما هؤلاء، واسجدوا لله.
وعلى كل حال: فنحن في غنى عن هذا اللغط البعيد لكن ذكرته على سبيل الاستطراد.
ومن فوائد الحديث: أن الحوادث الأرضية لا تؤثر في الأحوال الفلكية، من أين تؤخذ؟ من قوله:"لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته"، فالموت والحياة وغيره لا تؤثر في الشمس ولا القمر ولا النجو، نعم قد تكون سببًا لأشياء أخرى- الحوداث- مثل المعاصي ممكن أن تكون سببًا لعدم نزول المطر أو سببًا للرياح المدمرة أو الصواعق المهلكة وما أشبه ذلك.
ومن فوائد الحديث: أنه لا يعمل بالحساب في صلاة الكسوف "فإذا رأيتموهما"، وعلى هذا فلو أن الحساب أطبق على أن الليلة سيكون كسوفًا وصارت السماء غيمًا ولم يتبين هل نصلي أو لا؟ لا نصلي؛ لأن الرسول- عليه الصلاة والسلام- علق ذلك بالرؤية.