للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخشبة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا ضرر ولا ضرار» ومعلوم أنه لا يحل لك أن تضر غيرك بمنفعة نفسك.

إذا قال قائل: ما رأيكم فيما لو أراد أن يجري الماء على أرضه إلى أرضه التي وراءها يعني: أراد صاحب الماء أن يجري الماء على أرض جاره إلى أرض له وراء أرض جاره فمنع الجار.

نقول: هذا لا يجوز لصاحب الأرض أن يمنع صاحب الماء من إجرائه على الأرض إلا أن يكون في ذلك ضرر، فإن لم يكن في ذلك ضرر فإنه لا يجوز أن يمنع، ولهذا قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب لما أراد أن يمنع محمد بن سلمة من جريان الماء لجاره فقال عمر: «والله لتمرن به ولو على بطنك» يعني: لو فرضنا أننا أجريناه على بطنك لا يمكن تمنع، لماذا؟ لأن فيه منفعة لصاحب الأرض وفيه منفعة لصاحب الماء، أما صاحب الماء، فلأن الماء يصل إلى أرضه الأخرى، وأما صاحب الأرض؛ فلأنه يمكن أن يغرس على الماء، وكذلك الزرع حول الماء ينتفع لكن لو قال صاحب الأرض: أنا سابني على الأرض بناء فهل له أن يمنع؟ نعم، له أن يمنع، لأن الماء لو مشى من تحت البناء أضر به.

ومن فوائد هذا الحديث: أنه يجب على المسلم ألا يمنع أخاه حق الانتفاع بملكه إذا لم يكن عليه ضرر، وجهه: نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، وعلى هذا فلو أن رجلا مر برجال جالسين تحت جداره مستظلين به من الشمس، فقال: قوموا هذا ظلال جداري، هذا له الحق أو لا؟ لا، ليس له الحق، لكن لو دخلوا البيت واستظلوا بظل الجدار، معلوم له الحق ليس من أن يخرجهم من الظل ولكن يخرجهم من بيته، ولما جاءت امرأة إلى الإمام أحمد رحمه الله تسأله قالت: يا أبا عبد الله إن السلطان إذا مر بنا في الليل ونحن نغزل ازداد غزلنا بواسطة الأنوار التي يمر بها فهل يحل لنا ذلك- أي: هذه الزيادة/ لأن أنوار السلاطين في ذلك الوقت ليست نزيهة من كل وجهن فقال الإمام أحمد: نعم يحل هذا، ولما أدبرت سأل من بجنبه قال: كيف هذه تسأل هذا السؤال الدقيق؟ قال: هذه أخت إبراهيم بن أدهم، فدعا بها فقال: لا يحل لكم، كيف؟

قال: نعم من بيتكم خرج الورع، انظر كيف اختلفت الفتوى.

<<  <  ج: ص:  >  >>