للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

طَيِّبَ النَّفْسِ، وَإِلَاّ أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلَانَ». طرفه ٣٢٦٩ - تحفة ١٣٨٢٥

وفي «الفتح»: أَنَّ الشيطانَ يأتي بِحَبْلٍ طَوِيْلٍ، ثُمَّ يَنْفِثُ فيه يقول: عليك لَيْلٌ طَوِيْلٌ ... إلخ، ويَعْقِد عُقدة. قلتُ: وَلَعَلَّ حَبْلَه هذا من عالم المِثَال. وَتَفَطَّن الحافِظُ رحمه الله تعالى من هذا العَقْد أنه مُشيرٌ إلى وجوبِ صلاةِ الليل شيئًا، فإنَّ حقيقةَ النَّفْلية لا يليق بها العَقْدُ، فاحتال لِدَرء الوجوب وقال: إنَّ هذا العَقْدَ فِيْمَن نام عن صلاةِ العِشَاء. وسيجيء ما فيه عندي.

١١٤٢ - قوله: (فَذَكَرَ الله) ... إلخ. وهذه الأذكارُ مما جاء قَبْل الوضوءِ عقيبَ النوم، كالحمد الذي مَرَّ في أَوَّل التَّهَجُّد.

قوله: (نَشِيْطَا) (سبك جان - هلكى طبيعت).

١١٤٣ - حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنَا عَوْفٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَمُرَةُ بْنُ جُنْدَبٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى الرُّؤْيَا قَالَ «أَمَّا الَّذِى يُثْلَغُ رَأْسُهُ بِالْحَجَرِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ الْقُرْآنَ فَيَرْفِضُهُ وَيَنَامُ عَنِ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ». أطرافه ٨٤٥، ١٣٨٦، ٢٠٨٥، ٢٧٩١، ٣٢٣٦، ٣٣٥٤، ٤٦٧٤، ٦٠٩٦، ٧٠٤٧ تحفة ٤٦٣٠ - ٦٦/ ٢

١١٤٣ - قوله: (أَمَّا الذي يُثْلَغُ رَأْسُهُ) ... إلخ. واعلم أنَّ الذي نام عن صلاتِهِ في الليلِ وَرَد فيه ثلاثةُ ألفاظ: العَقْدُ على القَفَا، وثَلْغُ الرأس، والبَوْل في الأُذن. والدليل على الوجوب هو الثاني فقط، بخلاف الأَوَّل والثالث، فإنَّهما مَضَرَّتَان كَوْنِيَّتَان. وذلك لأنَّ ثَلْغَ الرأسِ عذابٌ من جهةِ اللَّهِ سبحانه وتعالى. فَصَلَحَ حُجَّةً على الوجوبِ، بخلاف العَقْد والبول فإنَّهما ضَرَرانِ من جهة الشيطان كَوْنًا، أي يسقط هو عليه، فلا يثبت منه الوجوبُ. فإن الشيطانَ في سجيته عداوةُ الإنسان، فيراقبه في الأحوال كلِّها حتى يُفْسِد عليه طعامَه، وشرابَه ونومَه، وأَمْرَه كُلَّه، فإذا وَجَد موضِعَا يمكنُ أن يُفْسِده، لم يُفلِته حتى يُفْسِدَه، فلم يكن من نوع العذاب. ألا ترى أنَّ الجُنُب لو نام على حالِهِ، ولم يَغْتَسل ومات على جنابته لا تحضُرُه الملائكة. فهذا ضَررٌ عظيم له، إلا أنه لا يثبتُ به الوجوبُ حتى جاز له أن ينامَ على جنابته وإنْ كُرِه. وقد علمت فيما مَرَّ أَنَّ الحِلَّ والحُرمة والإيجاب والنهي إنما تَثْبُت بِتَوجُّهِ الخطابِ من صاحبِ الشرع ولا دَخْل فيها للأنظار المعنوية، بمعنى أنها لا تدورُ عليها، وإن كان المأمورُ به مما ينبغي أن يكونَ حَسنًا، وكذلك المنهي عنه قَبِيْحًا، ولكن ليس كلُّ قبيحٍ منهيًا عنه، ولا كُلُّ حسن مأمورًا به. والتفصيل قد سبق غير مرة.

ثم قوله في حديث سَمُرَةَ - مرفوعًا - الآتي «وينامُ عن الصلاة المكتوبةِ» ودليلٌ على أنَّ ثَلْغَ الرأس جزاءٌ لِتَرْك المكتوبة دون صلاةِ الليل. وهذا الذي حَمَل الحافِظَ رحمه الله تعالى على تأويل السابق. فلا يقومُ حجةً على وجوبِ صلاةِ الليل، فيخالفُ ما قَرَّرتُ سابقًا.

قلتُ: بل الثَّلْغُ جزاءٌ لِتَرْكِهِ صلاةَ الليل. وإنَّما جاء ذِكْر تَرْكِهِ المكتوبة في السياق لكونه تَرَكَها أيضًا، وذلك لأن هذه الرواية تأتي في الجنائز أيضًا في صَدْر الجزء السادس ممن الصحيح (ج ١/ ١٨٥) والراوي اقتصر فيها على تَرْك القرآنِ فقط، ولم يذكر تَرْك المكتوبةِ. فظهر به

<<  <  ج: ص:  >  >>