للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَخَذَ شِبْرًا مِنَ الأَرْضِ ظُلْمًا، فَإِنَّهُ يُطَوَّقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ». قَالَ ابْنُ أَبِى الزِّنَادِ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ لِى سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ دَخَلْتُ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه ٢٤٥٢ تحفة ٤٤٦٤

وقد تكلَّمنا فيه من قبل مفصَّلًا، أن المرادَ منه طبقات تلك الأرض، أو العمرانات التي شُوهِدَتْ في السَّيَّارات، والكلُّ محتملٌ (١). والحقُّ عند عالم الغيب والشهادة، لا يَعْلَمُهُ إلَاّ هو.

قوله: ({وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ (٥)})، واعلم أنه ذهب بطليموس إلى أن هذا المشهود الأزرق ليس بِفَلكٍ، وإنما تتراءى الزُّرْقَة، لأن النورَ ليس إلَاّ إلى سبعة عشر فَرَاسِخ، وبعد ذلك ظلمةٌ شديدةٌ. فإذا نَفَذَ البصرُ النورَ، وبلغ الظلمةَ، تَلُوحُ كالزُّرْقة، وذلك لأن من شرائط الانعكاس الكثافةَ، ولذا تتنوَّرُ الأرض. وأمَّا السَّمَوَاتُ فلمَّا كانت لطيفةً، لا يَنْعَكِسُ فيها النور. ولو كانت السمواتُ أيضًا كالأرض لاسْتَنَارَتْ، كاستنارتها بانعكاس النور. وفي «فتح الباري»، عن القاضي أبي بكر: أن ما تُدْرِكُهُ أبصارُنا ليس بسماء، وإنما السموات كلُّها فوق المشهود. والله تعالى أعلم بالصواب.

٣١٩٥ - قوله: (طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعِ أَرْضِينَ)، والمُتَبَادَرُ (٢) منه كون تلك الأَرَضِين صَمْدًا، كالطبقة الواحدة. ولقائلٍ أن يَقُولَ: إنه يَمْكِنُ التطويق مع كونها سبعًا على حِدَةٍ أيضًا.

٣ - باب فِى النُّجُومِ

وَقَالَ قَتَادَةُ {وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ} [الملك: ٥]: خَلَقَ هَذِهِ النُّجُومَ لِثَلَاثٍ: جَعَلَهَا زِينَةً لِلسَّمَاءِ، وَرُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ، وَعَلَامَاتٍ يُهْتَدَى بِهَا، فَمَنْ تَأَوَّلَ فِيهَا بِغَيْرِ ذَلِكَ أَخْطَأَ، وَأَضَاعَ نَصِيبَهُ، وَتَكَلَّفَ مَا لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ.

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ {هَشِيمًا} [الكهف: ٤٥]: مُتَغَيِّرًا. وَالأَبُّ مَا يَأْكُلُ الأَنْعَامُ. {لِلْأَنَامِ}: [الرحمن: ١٠]: الْخَلْقُ. {بَرْزَخٌ} [المؤمنون: ١٠٠]: حَاجِبٌ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {أَلْفَافًا} [النبأ: ١٦]: مُلْتَفَّةً. وَالْغُلْبُ: الْمُلْتَفَّةُ. {فِرَاشًا} [البقرة: ٢٢]: مِهَادًا، كَقَوْلِهِ: {وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ} [البقرة: ٣٦]. {نَكِدًا} [الأعراف: ٥٨]: قَلِيلًا. ١٣١/ ٤

واعلم أنها أجرامٌ تَسْبَحُ في الجو بأنفسها، لا أنها مَرْكُوزَةٌ في السموات تَدُورُ


(١) أَجْمَلَ في الكلام ههنا، وقد حقَّق فيما مرَّ: أن كونَ المرادِ منها تلك العمرانات بعيدٌ كل البُعْدِ. كيف لا! ولم يَقُمْ برهانٌ قويٌّ على وجودها بعد، وما يُشاهِدُونَه، فكلهُ خَرْصٌ وتخمينٌ. والله تعالى أعلم بالصواب.
(٢) واستدلَّ منه الدَّاوُدِي على أن السبعَ الأرَضِين بعضُها على بعضٍ لم يُفْتَقْ بعضُها من بعضٍ. قال: لأنه لو فُتِقَتْ لم يطوَّق منها ما يَنْتَفِعُ به غيرُه. اهـ "عمدة القاري". واستدلَّ به الشيخُ من وجهٍ آخرَ كما رَأَيْتَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>