المصنف فارسيًا، وجرى على لسانه نحوه في مواضع من كتابه، كذلك أكثر المحدثين، كانوا يَعلَمون الفارسية، كأبي داود السَّجِسْتَاني، وهو معرب سبستان. وما كتبه ابن خلِّكَان فغلطٌ. والترمذي وإن كان مما وراء النهر، لكن كان يعرف الفارسية، كذلك ابن ماجه، وعبد الله بن المبارك، وكان الشيخ العيني يعلمُ التركي أيضًا، ولم يكن الحافظ يعلمها (ف).
واعلم أن مَنْ وقف ببطنِ عَرَفة أجزأه، لكونها جزءٌ من عرفة، مع أن النهي ورد عن الوقوف فيها، وهذا يرجع إلى خِلافية أخرى، وهي النهيُّ عن الأفعال الشرعية، وبسْطُه في الأصول.
١٦٦٥ - قوله:(ثم أفيضوا) ... إلخ، قالوا: إن «ثم» ههنا للتراخي ذكرًا. قلتُ: وليس كذلك، بل هي لقطعِهِ عن الأول، والتنبيه على أنَّه محطُّ الفائدة، فالمعنى أنكم أيها الحُمْس تؤدُّون مناسِككم على وجهها، إلا طواف الإِفاضة، فإنَّكم لستم فيه على صوابٍ وسنةٍ، فتوجَّهوا إليه أيضًا، وأفيضوا من حيث أفاض الناس.
واعلم أنَّ من دأب إبليس أنه إذا أضل أحدًا عن سبيل الله يُحدِثُ في نفسه شبهات ووساوسَ، لتزل قدمٌ بعد ثُبُوتها، وإذا أرادَ تمكينَ باطل في صدره أوجدَ له مناسباتٍ ركيكة، فيستقر عليه لأجل تلك المناسبات، ويثلِجَ بها صدرُه. وهذا الذي عَرَضَ لعين القاديان - المرزا غلام أحمد القادياني - حيث جعل جهنَّم مأواه ومثوَاه وادّعى النبوةَ، فأوجد له شيطانه مناسباتٍ رَكيكة بين ختم النبوة، وادِّعاء نبوتِهِ وعيسويته، فألقَمَه علماء الإِسلام حجرًا، فخاب وخسر خسرانًا مبينًا.