الأطراف يُقتصُ منه في الحرم. فكأنها جعلت في حكم الأموال. وإن كانت في النَّفْس لا يُقتص منه في الحرم، ويُلجأ إلى الخروج حتى يُقتص منه. وعند الشافعية يقتص في الحرم، فحَرُمةُ الحرمِ أزيدُ عندنا من الشافعية. وتمسك الحافظ رحمه الله تعالى بقول عمرو بن سعيد. قلت: وأنا راض على هذا التقسيم، فإن الصحابيَّ في هذا الحديث يُوافقَنا في المسألة.
١٠٤ - قوله:(ولا يعضد) وراجع لتفصيله «شرح الوقاية» من الجاف والمنكسِرِ والنابت بنفسه، وعدمُ كونه مما ينبتُهُ الناس.
قوله:(ساعة من نهار) وهي من طلوع الشمس إلى الغروب كما في «مسند أحمد».
قوله:(الخَرْبَة) في الأصل سرقة الإبل، ثم عمَّم. وفي بعض النُّسخ: الخزية بمعنى رسوائي وراجع «دراسات اللبيب في الأسوة الحسنة للحبيب» فإنه تكلم في هذا الحديث كلامًا حسنًا. وكتب أن الإمامَ أبا حنيفة رحمه الله تعالى قد فَهِمَه حق الفهم، وكان مصنفه من علماء السند، وأصله من الكشمير، وأجازه الشاه ولي الله قُدِّس سره بالكتابة، وحرر له أني أجيز لك ولمن كان لها أهلًا من أهل بلدك - وقد تكفل بطبعه غير المقلدين في زماننا، لأن مصنف الدراسات أيضًا لم يكن مقلدًا، إلا أنه لم يكن متعصبًا مثل هؤلاء، فإذا وجد كلمةَ حقٍ أقرَّ بها كما فعل ههنا - فإنه مدح الإمام على أنه هو الذي أدى حق الحديث وعمل به بدون تخصيص ولا تأويل.
قوله:(إن الحرمَ لا يعيذُ عاصيًا) قلت: هو من باب كلمةِ حق أريدَ بها الباطل، فإنه لا يصدُقُ على ابن الزبير أصلًا، بل يصدقُ عليه وعلى يزيد. وملخص القصة أن معاويةَ رضي الله عنه لما ولى يزيد أنكرَ عبد الله بن الزبير وأصحابَه أن يُبَايعوه ورحلَ عبد الله بن الزبير رضي الله عنه إلى مكة، فاستخلف بعدَه مروان، ثم عبد الملك، فولى عبد الملك الحجاج المبير ظالمُ هذه الأمة، فتولى قتْلَ ابن الزبير رضي الله عنه وفعلَ ما فعل، وأحرقَ قرنًا كَبْش إسماعيل عليه الصَّلاة والسَّلام، وتهدمت حِصةٌ من البيت أيضًا، والعياذ بالله.
١٠٥ - قوله:(وكان محمد) جملةٌ معترِضةٌ ومعناها: تصديقُ ما أخبرَ به النبي صلى الله عليه وسلّم من أنه وَقَعَ كما أخبر. وثبت أن رُبَّ غائبٍ أحفظ من السامع.
٣٩ - باب إِثْمِ مَنْ كَذَبَ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -