ولم يمتنع عنها تشاؤمًا، ولم يتف بجوابه: قد بايعت. وهذا مِن كمال امتثاله، وغايةِ أَدَبه بحضرةِ الرسالة، فلما تقدَّم هو إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلّم للبيعةِ بايعه هو أيضًا، ولم يَرُدَّه خاسِئًا. وهذا مِن كمال رأفته وغايةِ شَفَقَتِه.
١١١ - باب عَزْمِ الإِمَامِ عَلَى النَّاسِ فِيمَا يُطِيقُونَ
٢٩٦٤ - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ - رضى الله عنه - لَقَدْ أَتَانِى الْيَوْمَ رَجُلٌ فَسَأَلَنِى عَنْ أَمْرٍ مَا دَرَيْتُ مَا أَرُدُّ عَلَيْهِ، فَقَالَ أَرَأَيْتَ رَجُلاً مُؤْدِيًا نَشِيطًا، يَخْرُجُ مَعَ أُمَرَائِنَا فِى الْمَغَازِى، فَيَعْزِمُ عَلَيْنَا فِى أَشْيَاءَ لَا نُحْصِيهَا. فَقُلْتُ لَهُ وَاللَّهِ مَا أَدْرِى مَا أَقُولُ لَكَ إِلَاّ أَنَّا كُنَّا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَعَسَى أَنْ لَا يَعْزِمَ عَلَيْنَا فِى أَمْرٍ إِلَاّ مَرَّةً حَتَّى نَفْعَلَهُ، وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَنْ يَزَالَ بِخَيْرٍ مَا اتَّقَى اللَّهَ، وَإِذَا شَكَّ فِى نَفْسِهِ شَىْءٌ سَأَلَ رَجُلاً فَشَفَاهُ مِنْهُ، وَأَوْشَكَ أَنْ لَا تَجِدُوهُ، وَالَّذِى لَا إِلَهَ إِلَاّ هُوَ مَا أَذْكُرُ مَا غَبَرَ مِنَ الدُّنْيَا إِلَاّ كَالثَّغْبِ شُرِبَ صَفْوُهُ وَبَقِىَ كَدَرُهُ. أطرافه ٢١١٧، ٢٤٠٧، ٢٤١٤ - تحفة ٩٣٠٦ - ٦٢/ ٤
٢٩٦٤ - قوله: (رَجُلا مُؤذيًا) أي ذات أداةٍ، وسلاحٍ نشيط "سبك روح".
قوله: (فعَسى أنْ لا يَعْزِمَ علينا في أَمْرَ إلا مَرَّةً) يعني إذا كان يَأمرُنا بِأَمْرٍ مرةً بادرنا إلى امتثاله، حتى لا يحتاج إلى الأَمْر مَرَّتين؛ يريدُ به استعجالهم إلى الامتثال بأَمْرِ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم.
١١٢ - باب كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا لَمْ يُقَاتِلْ أَوَّلَ النَّهَارِ أَخَّرَ الْقِتَالَ حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ
٢٩٦٥ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ سَالِمٍ أَبِى النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَكَانَ كَاتِبًا لَهُ قَالَ كَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى أَوْفَى - رضى الله عنهما - فَقَرَأْتُهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى بَعْضِ أَيَّامِهِ الَّتِى لَقِىَ فِيهَا انْتَظَرَ حَتَّى مَالَتِ الشَّمْسُ. أطرافه ٢٩٣٣، ٣٠٢٥، ٤١١٥، ٦٣٩٢، ٧٤٨٩ - تحفة ٥١٦١
٢٩٦٦ - ثُمَّ قَامَ فِى النَّاسِ قَالَ «أَيُّهَا النَّاسُ، لَا تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ، وَسَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا، وَاعْلَمُوا أَنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ، ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ وَمُجْرِىَ السَّحَابِ وَهَازِمَ الأَحْزَابِ، اهْزِمْهُمْ وَانْصُرْنَا عَلَيْهِمْ». أطرافه ٢٨١٨، ٢٨٣٣، ٣٠٢٤، ٧٢٣٧ - تحفة ٥١٦١
١١٣ - باب اسْتِئْذَانِ الرَّجُلِ الإِمَامَ
لِقَوْلِهِ: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ} [النور: ٦٢]. إِلَى آخِرِ الآيَةِ.
قوله: {عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ} [النور: ٦٢] ومن مِثْل هذا تَعَلَّم عليَّ لَفْظَ المِصْر الجامع، فقال: لا جُمعةَ، ولا تَشْرِيق إلا في مِصْرٍ جامِع».