للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ بِلَالاً يُنَادِى بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادِىَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ». أطرافه ٦١٧، ٦٢٣، ١٩١٨، ٢٦٥٦، ٧٢٤٨ - تحفة ٧٢٣٧

عَكَسَ المصنِّف رحمه الله تعالى في وضع التراجم، فبوَّب بالأذان بعد الفجر أولا، وبالأذان قبله ثانيًا إيماءً إلى أنه لا مَنَاص عن الأذان بعد الفجر، سواء أذَّن قبله أو لا. ومن ههنا عُلِمَ أن ما ذَهَبَ إليه الشافعيُّ رحمه الله تعالى من الاكتفاء بالأذان الأول فقط، والحنفية من نفي الفائدة في ذلك الأذان (١) أصلا، ليس بسديدٍ: فإن الأذانَ بعده مما لا بدَّ منه، وقبله مفيدٌ ولو في الجملة مثل التهيؤ لها وغيره.

٦١٨ - قوله: (إذا اعْتَكَفَ) ... إلخ، فَهِمَ منه المصنِّف رحمه الله تعالى: أن اعتكافه كان لارتقاب طُلُوع الصبح ليؤذِّنَ حين يتبيَّن له، ولذا ترجم عليه بالأذان بعد الفجر.

قوله: (ركعتين خفيفتين) حتى تردَّدت عائشةُ رضي الله عنها: أنه هل قَرَأَ فيها شيئًا، أم لا؟ ورُوِيَ مثله عن ابن عمر رضي الله عنه، إلا أنه علَّله أبو نصر، ووجهُ إعلاله: أنه رُوِيَ عنه مرةً: «أنه رآه يقرأ فيهما بسورة الإخلاص إلى شهرين»، ورُوِي عنه أخرى: «أنه لم يَرَه هو، بل بَلَغَه عن أخته حَفْصَة رضي الله عنها، لأنه صلى الله عليه وسلّم كان يصلِّيهما في بيته، ولم يكن يَدْخُل عليه في تلك الساعة أحدٌ».

١٣ - باب الأَذَانِ قَبْلَ الْفَجْرِ

٦٢١ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِىُّ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ النَّهْدِىِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَا يَمْنَعَنَّ أَحَدَكُمْ - أَوْ


(١) واعلم أن قاضي القضاة أبا يوسف رحمه الله تعالى لَمَّا رَحَل لزيارة البيت -وكان معه هارون الرشيد أيضًا- نَاظَر مالِكًا رحمه الله تعالى في عِدَّة مسائل، منها: في سجدة السَّاهِي: إنها قبل السلام، أو بعدها، فأجابه مالك رحمه الله تعالى كما كان مذهبه: إنها إن كانت لنقصانٍ، فليسجدها قبل السلام. وإن كانت لزيادةٍ، فبعد السلام فقال له أبو يوسف رحمه الله تعالى: إن وَقَعَ السهو بكلا النحوين، فماذا يفعل؟ فَسَكَتَ مالكٌ رحمه الله تعالى، فقال أبو يوسف رحمه الله تعالى: الشيخُ قد يخطىء، وقد لا يصيب، ولم يسمعه مالك رحمه الله تعالى، وَفَهِمَ أنه قال: الشيخ قد يخطىء، وقد يصيب. ولذا انصرف مالك رحمه الله تعالى إلى وجهه، فَضَحِكَ الناسُ، فقال مالك رحمه الله تعالى: وهذا جزاء الشيخ الذي نَاظَر مع شابٍ: وكان أبو يوسف رحمه الله تعالى إذ ذاك شابًا، وفيه منقبة لمالك رحمه الله تعالى أنه كيف تحمَّل وأبدى الوقار.
فلمَّا رَجَعَ أبو يوسف رحمه الله تعالى من سفره، رَجَعَ عن عدَّة مسائل: الأولى في الأذان قبل الفجر، ولم يَرَ فيه الإعادة، والثانية مسألة الوقف، والثالثة مسألة الصاع. وفي "شرح الجامع الصغير": إن رجوعه كان لكمال ديانته، فإنه لمَّا رَأَى العملَ ببلدة الرسول خلاف ما كان يقول به رَجَعَ عنه. انتهى معرَّبًا في تقرير الفاضل عبد العزيز من كلام الشيخ رحمه الله تعالى. وقد ذكر قصة أبي يوسف رحمه الله تعالى صاحب "الكفاية" عن مبسوط شيخ الإسلام، وفيه: الشيخ تارةً يخطىءُ، وتارة لا يُصِيب. وليس فيه جواب مالك رحمه الله تعالى، وهو في خزانته "الروايات"، وفيه: هذا جزاء من لم يَمُتْ مع أقرانه.

<<  <  ج: ص:  >  >>